هل سمعت عزيزي القارئ عن المركز الوطني للتعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد؟ تأسس المركز الوطني للتعلم الإلكتروني من توصية الخطة الوطنية لتقنية المعلومات التي نصت على إنشاء مركز وطني يعنى بتطوير المحتوى الرقمي ويدعمه تقنياً. بحكم عملي الأكاديمي والعملي حصلت على فرصة التعرف على هذا المركز عن كثب، واكتسبت شرف التعرف على القائمين عليه، الذين يعملون بشكل يفتخر به أي مواطن. فالمركز الوطني للتعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد يعمل كخلية نحل بما يقدمه للمستفيدين من دورات وورش عمل. ولقد قام المركز بتوقيع مذكرات تفاهم مع 14 جامعة محلية بحيث تتبادل مع المركز الخبرات والمنافع. وقد قام المركز مؤخراً بالتنظيم للمؤتمر الدولي الأول للتعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد تحت رعاية مولاي خادم الحرمين الشريفين (حفظه الله ورعاه) بشكل رائع. ولقد تم تقديم بعض الدورات وورش العمل ضمن فعاليات المؤتمر في مختلف مجالات التعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد. ومن أهم المنتجات التي قدمها المركز، نظام إدارة التعليم (Learning Management System) "جسور"، والذي من خلاله يمكن ربط العملية التعليمية مع بعضها البعض، ويستطيع المعلم والطالب أن يقدما أدوارهما من خلال هذا النظام. وأرى أن هذا هو الخطأ الذي وقع به المركز والذي أتمنى أن لا يقع فيه مرة أخرى مع منتج آخر، حيث يفترض أن يعمل المركز كمنظر و يضع الأنظمة والقوانين التي تحكم تطبيق التعلم الإلكتروني في المملكة، كما يعمل كمنسق رئيس بين الجامعات المحلية. بالإضافة لذلك أتمنى أن يركز المركز على تقديم الخدمات الاستشارية العالمية، والتي من خلالها ينمي خبرات محلية تستطيع أن تكون المرجعية الاستشارية في المملكة والمنطقة (إن شاء الله). كما يتم عمل كراسات للتطبيقات الأمثل (Best Practices) بحيث تكون متوفرة لجميع الجامعات المحلية التي وقعت مع المركز على اتفاقيات التعاون. ولكن عندما يعمل المركز على تطوير أو إنشاء أنظمة للعملية التعليمية فإنه يخرج من المفهوم التنظيري إلى كونه حريصاً على تسويق منتج أو آخر، مما يوجد بعض السلبيات التي قد تؤثر على عمل المركز كما هو مخطط له، ومن هذه السلبيات ما يلي: تنفر الجامعات المحلية من المركز خوفاً من أن يفرض عليهم منتجاً غير مقتنعين به. تحيز المركز لمنتج عن آخر يجعله يخل بالعملية الاستشارية التي توجب علي الاستشاري التجرد من أي تحيزات. سوف يركز المركز على التسويق لمنتجاته وبذلك يشتت الجهود التي أسس من أجلها. يفقد المركز فرصة عمل أدنى مستوى من التكامل (قواعد البيانات على أقل تقدير) بسبب وجود المعارضة من قبل بعض الجامعات التي تأخذ على المركز تقاربه من جامعة دون الأخرى. فكرة تواجد المركز الوطني للتعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد هي فكرة رائدة وتستحق الثناء ولا أستبعد أن تطرح فكرة جعله هيئة بدلاً عن مركز، ولذلك أتمنى من القائمين على المركز الوطني للتعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد النظر في سياسة تقديم المنتجات للجامعات المحلية التي واجهت بعض الصعوبات، ومحاولة غرس خبرات محلية تقوم على وضع سياسات استراتيجية للتعلم الإلكتروني في المملكة والتي نحن في أمس الحاجة لها.