لا اعتراض عندي على نهج بعض الدوائر الحكومية ذات الصلة بالمواطن ، والمواطن فقط ، ما دامت درست جوانب الموضوع وقَصَدَت فى النهج الجديد الدقة والوصول إلى الكمال وخدمة أغراض وطنية سامية ، ونُبل الغرض . ولاحظ الناس أخير أن الأحوال المدنية بدأت بأخذ بصمات الأصابع العشرة لمن يتقدم بطلب تجديد بطاقة الأحوال والحصول على الهوية الوطنية الجديدة ذات الميزات التقنية المتقدمة. وودّ كثير من المواطنين معرفة الغرض من أخذ البصمات هل هو لدواعي إثبات الشخصية والتحقق من أن حامل الهوية هو صاحبها الحقيقي والصادق ،أم أن هذه البصمات ستستخدم في بناء قاعدة بيانات لبصمات جميع مواطني المملكة لغرض الرجوع إليها في التحقيقات الأمنية والجنائية ، والبحث عن المجهولين من مرتكبي الجرائم . ولو قامت الأحوال المدنية بإصدار مطوية أو إعلان يقول للناس لماذا هذا الإجراء الجديد ( الأصابع العشرة ) . لاستبعاد قلق المواطن ، خصوصا أن ثمة أخبار غربيّة عن أن هناك ما يزيد عن ألف حالة خطأ في مطابقة وتحديد أصحاب البصمات المأخوذة من مواقع الجرائم باستخدام قواعد البيانات لبصمات ذوي السوابق .ومن أشهر تلك الحالات ما حصل لمواطن أمريكي يدعى براندن مايفيلد عندما فوجئ بمداهمة المباحث الفيدرالية لمنزله واعتقاله لمدة أسبوعين بتهمة المشاركة بتفجيرات مدريد حيث تم العثور على بصمته على حقيبة التفجير، ليتبين بعد ذلك براءته واعتراف المباحث الفيدرالية بوجود خطأ ( حاسوبي ) في مطابقة وتحديد هوية تلك البصمة . كذلك ما حصل مع مواطن أمريكي آخر يدعى ستيفن كاونز والذي حكم علية بالمؤبد بسبب تشابه بصماته بشكل كبير مع بصمات قاتل هارب ، قبل أن يتمكن ستيفن من إثبات براءته بواسطة البصمة الجينية ، لكن بعد فوات ست سنوات قضاها في السجن ظلماً. وأيضا من القضايا المشهورة قضية مواطنة بريطانية تدعى شيرلي ماكين قبضت عليها الشرطة في منزلها بتهمة القتل بحجة وجود ما ظن الحاسوب أنه بصمتها على إحدى الكؤوس في موقع الجريمة، وبعد لأي وتعب تمكنت من إثبات براءتها . يؤكد خبراء الأدلة الجنائية انه كلما كبر حجم قاعدة بيانات البصمات وتجاوزت الملايين من الأشخاص كلما زادت احتمالات حدوث خطأ في إثبات هوية أصحاب البصمات المأخوذة من موقع الجريمة ، وتصل هذه النسبة في قواعد البيانات الكبيرة إلى 5% بسبب زيادة نسبة وجود البصمات المتشابهة . ولو طبقنا ذلك على المملكة والتي قد يصل عدد مواطنيها إلى 20 مليوناً مضروبة في عشرة أصابع أي 200 مليون بصمة ، هذا الرقم يعني أن هناك عدداً غير قليل من البصمات المتشابهة إلى حد كبير يصعب على المختصين والحواسب التفرقة بينها واحتمال وجود خطأ في تحديد هوية صاحب بصمه مجهولة . ومعلوم أن الدول الغربية لا تحتفط ببصمات مواطنيها ، ويقتصر حفظ البصمات على أصحاب السوابق أو الأجانب فقط ، ولا زالت هناك معارضة قوية من جمعيات المحافظة على الخصوصية لأي مشروع يهدف إلى حفظ بصمات المواطنين. ويتطلع المواطن السعودي إلى تبيان الاستخدامات المستقبلية لقاعدة البصمات تلك .