في ابريل 2001 وفي منطقة واتفورد بلندن صمم مجموعة من المهندسين المبدعين مسكناً بديعاً يعمل بكل جزئياته وفقاً لأوامر ساكنيه حيث تم ربطه بشبكة المعلومات ومجموعة من أجهزة الكاميرات والميكروفونات وشاشات العرض هذا البيت الرائع كما أطلق عليه لم يظهر على السطح هكذا فجأة فقد سبقته تجارب ومحاولات عديدة للوصول إلى البيت المناسب المريح. وفي رأيي أن هذه المرحلة تمثل قمة التطور حتى الآن على الأقل الذي وصل إليه التفكير المبدع للإنسان وهي ما كنا لنراها لولا مرور الإنسان بمراحل من التفكير وبمجموعة من الممارسات الحياتية كان الهدف رفع الإنتاجية من خلال إضفاء نوع من السهولة في تسيير أمور حياته ومنذ اللحظة الأولى لولادة الإنسان على الأرض ظل يبحث وباستمرار عن شيئين اثنين: هما الطعام، والمسكن الذي كان هدفه من ورائه حماية نفسه من حر الصيف وبرد الشتاء ومن الحيوانات المفترسة التي كانت تسكن بجانبه وعلى مدى سنوات طويلة ظل هذا الإنسان يبحث عن الأحسن والأكثر أمناً، فمن الكهوف إلى الأكواخ إلى البناء الطيني والحجري نقل الإنسان نفسه نقلاً نوعياً مستعيناً بالله سبحانه وتعالى الذي أتقن له العقل المبدع وأتقن له كل شيء. فاليوم عندما يمر الإنسان عبر شوارع المدن الكبيرة حول العالم يستطيع وباختصار أخذ ملخص كامل وصورة واضحة عن نوع التطور الذي مر عبره الإنسان فالكثير من المدن الكبيرة مازالت تحمل ضمن تفاصيلها كثيراً من ملامح تطور الإنسان في إنشاء مسكنه فما زالت الأكواخ والبيوت الطينية والكهوف وناطحات السحاب والفيلات الجميلة تصطف متجاورة في كثير من مدن كنيودلهي، وريودي جانيرو في البرازيل أو حتى في نيويورك. وأنا حينما أتتبع بعض المراحل إنما أريد أن استكشف الأسباب الرئيسة وراء هذه التنقلات في نوعية المساكن بشكل عام وفي الوقت نفسه استشف بعض الرؤى المستقبلية للسكن، ذلك أن نمط السكن بشكل عام يبقى ذا أهمية كبيرة لشكل الحياة التي يعيشها الإنسان وهذا ما سأحاول بحثه من خلال تتبع النمط السكني للإنسان السعودي. (يتبع)..