تُظهر دراستان حديثتان لبنك HSBC ومركز الخليج للأبحاث ارتفاع تكلفة الإقراض في أسواق المنطقة مقارنة بالأسواق الأخرى، على الرغم من الأزمة المالية العالمية. ففي حين أدت الأزمة إلى انخفاض أسعار الفائدة خارج المنطقة، كانت النتيجة عكسية هنا. فعلى سبيل المثال، ارتفع الفرق Spread بين تكلفة الإقراض الاستثماري في دول المجلس وسعر الفائدة بين البنوك في سوق لندن LIBOR خلال الأشهر القليلة الماضية من 250 نقطة أساس إلى أكثر من 750 نقطة في المتوسط، أي بمعدل زيادة 200% خلال أشهر معدودة. وبطبيعة الحال يؤدي ارتفاع تكلفة الإقراض الاستثماري إلى الحد من سرعة النمو وارتفاع تكلفة الإنتاج والتقليل من تنافسية المنطقة، ويؤدي كذلك إلى إضعاف تأثير الإجراءات الرسمية التي تم اتخاذها للحد من تأثير الأزمة المالية العالمية على المنطقة. فعلى الرغم من قيام البنوك المركزية بتخفيض أسعار الفائدة التأشيرية، وتوفير كميات إضافية كبيرة من السيولة، إلا أن ذلك لم ينعكس على تخفيض تكلفة القروض الاستثمارية. وهناك عدة أسباب لهذا الارتفاع الكبير في تكلفة الإقراض، بما في ذلك التغير في تقييم المخاطر في بعض القطاعات وبعض المناطق، نتيجة الأزمة المالية، وتوقف بعض المصارف الأجنبية عن الإقراض، وإحجام البنوك المحلية عن الإقراض. ولكن أحد الأسباب ربما كان انخفاض مستويات الثقة الذي أدى إلى رفع تقديرات المخاطر بشكل غير عقلاني. ويسهم في ذلك انخفاض معدلات الشفافية والإفصاح في بعض الحالات، والانطباعات القوية – وإن لم تكن صحيحة دائماً – عن ضعف البيئة القانونية التي تحمي الطرف المقرض. يُضاف إلى ذلك بعض القيود المصرفية التي لا تنسجم مع ظروف الركود الاقتصادي التي نمر بها. وفي نهاية المطاف فإن البنوك مشروعات تجارية تسعى إلى تحقيق توازن بين الربح للمساهمين وحماية أموال المودعين، وقد تبالغ في تقدير المخاطر. ونرى أن الدول الصناعية قد اتخذت على مدى الأشهر الماضية إجراءات استثنائية لتحفيز الاقتصاد وتشجيع الاستثمار، واضطرت للاقتراض بمعدلات عالية لتحقيق تلك النتائج، بحيث يُتوقع أن يصل عجز الميزانية الأمريكية مثلاً إلى نحو 10% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو معدل لم تعرف الولاياتالمتحدةالأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية. وكما أسلفت فإن البنوك شركات تجارية خاصة في نهاية المطاف، ولا تستطيع الحكومات إلزامها بتخفيض تكلفة الإنفاق، ولكنها تستطيع تهيئة بيئة أكثر ثقة وأقل مخاطرة للبنوك تمكنها من تخفيض أسعار الفائدة. وبخلاف الدول الصناعية، فإن دول المنطقة تستطيع تمويل خطط التحفيز دون الحاجة إلى الاقتراض. فعلى المدى القصير، وبهدف تشجيع البنوك على الاقراض، يمكن أن تقوم الحكومة بتغطية بعض المخاطر الاستثمارية underwriting risk أو التأمين على القروض. وفي كلتا الحالتين، يؤدي ذلك إلى تخفيض درجة المخاطرة للبنوك وبالتالي تخفيض تكلفة القروض.