اشتهرت شرم الشيخ كمركز لتفاعلات مخرجات التسوية الفلسطينية - الاسرائيلية بعد اتفاقية اوسلو 1993 وولادة السلطة الفلسطينية 1994 ابتداء من «غزة واريحا اولا»..وتحولت شرم الشيخ الحدودية مع فلسطين واللصيقة بشكل خاص بقطاع غزة الى عاصمة سياسية للرئيس مبارك ومقر للمؤتمرات وتحديدا ما يتصل بالشأن الفلسطيني بما في ذلك توقيع اتفاقيات وتفاهمات بين السلطة الوطنية الفلسطينية واسرائيل. وقد شهدت شرم الشيخ لقاءات دولية كبرى ابرزها ابتداء قمة شرم الشيخ العربية الدولية الكبرى التي عقدت في العام 1995 ، والتي عكست تحالفا دوليا ضم اكثر من 70 دولة استنفرت يومها لمواساة اسرائيل والتضامن معها ضد موجة العمليات الفدائية والتي اوقعت عشرات الضحايا من الاسرائيليين فكانت تلك الهبة تحت عنوان ما يسمى مكافحة الارهاب.ويعتبر مؤتمر شرم الشيخ الاخير الذي عقد مطلع الشهر الحالي هو ابرز مؤتمرات شرم الشيخ اخيرا وليس اخرا ، والى حد ما يمكن تصنيف كافة المؤتمرات والقمم المتعلقة بالتسوية غطاء لحالة العجز عن التقدم في العملية السلمية وحل القضية الفلسطينية ، كما شكلت وتشكل توفير ذرائع واعطاء مبررات لسوء النوايا الاسرائيلية والتعنت واغلاق منافذ التسوية وكذلك تمرير الجرائم الكبرى والمذابح والحرائق بحق الابرياء العزل وتدمير مقومات الحياة وآخر نماذجها اسوأ محرقة في التاريخ وليس في القرن الواحد والعشرين كما تصنفها بعض الصحف الغربية وحتى صحف اسرائيلية وشخصيات يهودية لم تتحمل هول تلك المحرقة العنصرية الانتقامية البشعة. في قمة شرم الشيخ الاخيرة كان هنالك اجماع على كارثة انسانية رهيبة ، لكن لم يجرؤ احد على ذكر المجرم الحقيقي الذي ارتكب هذه المجزرة الموثقة بالصوت والصورة.وصوّر البعض هذه الابادة العنصرية للبشر وكأنها كارثة من كوارث الطبيعة كما اشرنا لذلك مرارا ، والاسوأ هو ان قمة شرم الشيخ الاخيرة هذه قبل ايام لا تختلف عن قمة شرم الشيخ الاولى التي عقدت في العام 1995 .يومها كانت هنالك هبة دولية للتضامن مع دم يهودي لبضعة اشخاص ، اما مؤتمر شرم الشيخ الاخير فلم يلتفت الى الدم الفلسطيني الا من منظور مبادلة هذا الدم بالمال او توفير تعويضات دولية نيابة عن اسرائيل ، وليت الامر فقط كذلك لان مقدمات الاستنفار الغربي الامريكي الاوروبي كانت للتضامن مع اسرائيل المباركة الضمنية الغربية الرسمية للمحرقة وتشجيع سياسات ما يسمى الردع واهوال الانتقام والتصفية العرقية.والمؤسف جدا هو كل هذا الخبث والرياء واستغفال العرب بالادعاء ان مؤتمر شرم الشيخ يهدف الى توفير تمويل مالي لترميم ما دمرته اسرائيل في محاولة لامتصاص نقمة الرأي العام ليس في العالم العربي والاسلامي فقط بل ايضا في العالم الغربي حيث تيارات واسعة شعبية في امريكا واوروبا لا تتحمل ضمائرها هذه المحرقة المروعة. لا بأس من ان تتوفر اموال لاعادة بناء غزة لكن المؤتمر لمس النوايا الحقيقية لمن وقفوا خلفه والذين ارادوا هذا المؤتمر توقيتا ومضمونا وتعبيرا عن المتطلبات السياسية للمرحلة الجديدة من المشروع الصهيوني في هذه المرحلة والذي يقوده بنيامين نتنياهو الذي يبشر بان هنالك حلا وحيدا للقضية الفلسطينية هو الحل الاقتصادي ، اي توفير منح مالية للفلسطينيين لتحسين اوضاعهم المعيشية ، وكما لاحظتم فان مؤتمر شرم الشيخ قرر ان يُرصد حوالى 2 مليار لاعمار غزة وان يُرصد حوالي 3 مليارات لدعم السلطة ، واذا سارت الامور في السياق الذي اسس له مؤتمر شرم الشيخ فان اسرائيل يمكن ان تفرج عن بعض الاموال الفلسطينية المحتجزة لديها ، كما ان الدول المانحة ستقدم مساعدات اخرى وسيتم تشجيع الدول العربية النفطية على دفع مبالغ سخية من اجل ما يسمى تحسين حياة الفلسطينيين في اطار ما يطالب به نتنياهو وهو حكم ذاتي مدعوم من اسرائيل والعالم ماديا. وما هو مطروح اليوم ليس قاصرا على استبدال الدم الزكي لشهداء غزة بالمال وانما استبدال الدم الفلسطيني والعذابات الفلسطينية والنضال على مدى 100 عام بالمال هكذا يبشر نتنياهو وهكذا تحشد امريكا واوروبا كل جهودها خلفه لتحقيق ما يراد