مهما تغيرت وتنوعت المكتسبات المالية يبقى العمل الشريف بمختلف مسمياته فخراً لصاحبه خاصة إذا كان شاباً سعودياً لم يتجاوز العشرين عاماً.. نفض غبار العيب واستثمر طاقته ليشق طريقه بأعمال حرة مهنية.. هؤلاء هم شباب المهن المختلفة الذين قادتهم عربة طموحاتهم إلى تحقيق ذواتهم وأهدافهم فعرفوا أسرار المهن البسيطة وتمكنوا من قهر الصعاب والمعوقات وأضاءوا لغيرهم من الشباب طرقاً متباينة لانتاج أعمالهم بعيداً عن الكسل والخمول، مؤكدين على أن لديهم المهارات العالية التي تؤهلهم للانخراط بعد تخرجهم في سوق العمل الذي يتسع لجميع شباب الوطن من الذين يعلنون التحدي ويقهرون البطالة بالعمل. في (جولة اليوم) نفتح نافذة الشباب المهنيين الذين راهنوا الجميع بأعمالهم المهنية وصمدوا أمام العمالة الوافدة فوجدوا ثقة كاملة من الآخرين. بداية الجولة كانت جولتنا الأولى داخل أروقة المعهد المهني بأبها حيث تبين لنا ما وصلت إليه إدارة المعهد من تفعيل فكرة «التدريب الانتاجي» التي ترعرعت في أقسام المعهد منذ عامين تقريباً، فبعد أن أنهى متدربو قسم التمديدات الصحية في بادرة هي الأولى من نوعها قبل فترة أعمال «السباكة» بمبنى أحد المواطنين بمدينة أبها في إطار التدريب الانتاجي المعتمد من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني الذي يهدف إلى تسويق الأعمال التي يقوم بها المتدربون أثناء فترة تدريبهم حيث تم إبرام عقد بين أحد المواطنين وبين إدارة المعهد لاستلام أعمال السباكة بالمبنى الذي يملكه، كما أضاف متدربو قسم النجارة جهوداً أخرى خلال الفصل التدريبي الحالي في استكمال مسيرتهم في «التدريب الانتاجي» حيث تم تسليم قيادة الدوريات الأمنية بمنطقة عسير عددا من طاولات الطعام. ويقول المتدرب فارس القحطاني الذي شارك في تنفيذ هذا العمل: «بأن هذا العمل جاء فرصة لنا لإبراز مهاراتنا التي تعلمناها داخل القسم من خلال المنهج التدريبي، وأضاف «اشكر من فتح لنا المجال». وفي عمل آخر تم الاتفاق بين إدارة المعهد ومدرسة عبادة بن الصامت بحي النميص بأبها بتجهيز صالة العرض الخاص بالمدرسة من قبل متدربي قسم النجارة، وعن هذا العمل يقول المتدرب عبدالرحمن الفيفي «بدأنا مع بقية المتدربين بالاطلاع وتم أخذ المقاسات اللازمة وتم تنفيذه في فترة وجيزة. وأضاف: «وجدنا دعماً معنوياً من الإدارة والمجتمع على هذا العمل مما جعلنا نزيد من الجهد لعمل المزيد مبيناً ان العمل الميداني أهم بكثير من أي عمل آخر حيث تتاح الفرصة للمتدرب للوقوف على عمله فالنجارة تكتسب أهمية كبيرة في مجتمعنا حيث لا يخلو بيت من أعمالها»، وفي هذه البادرة قال ل «الرياض» مدير المعهد المهندس محمد بن ملهي شويل «ما قام به متدربو قسم النجارة وقسم التمديدات الصحية والأقسام الأخرى جزء من السياسة التي رسمتها المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني لتحقيق الفائدة للمتدرب أولاً وأخيراً ثم دمجه في سوق العمل قبل تخرجه ليساهم في خدمة المجتمع، وما تم يتمثل في التدريب الإنتاجي والذي يعرف بأنه «نظام تدريبي يعتمد منهجية إكساب المتدرب مهارة الإنتاج من خلال برامج تدريبية وتعليمية وفق احتياج سوق العمل ويكون في اطار الخطط التدريبية المقررة للمتدرب بما لا يؤثر على سير العملية التدريبية، وأضاف «أن من ابرز فوائد التدريب الإنتاجي إكساب المتدرب مهارة حديثة مطلوبة في سوق العمل ورفع الروح المعنوية لدى المدرب والمتدرب من خلال مشاهدة اعمالهم في سوق العمل كما يعمل على توثيق الصلة بين المرافق المنتجة والقطاع الخاص ويساهم بدور فعال في توطين الوظائف وسعودتها مؤكدا آل شويل مراهنته على اعمال هؤلاء الشباب موضحا انهم لازالوا بحاجة الى الثقة في اعمالهم من قبل المجتمع ودعمهم أيضا، من ناحية اخرى بين رئيس قسم النجارة بالمعهد الأستاذ احمد اسعد بأن هذه التجربة اضافت للمتدربين الكثير من الخبرة من خلال العمل الميداني بالمنشآت الخارجية وقد قام المتدربون بالتطبيق مباشرة على أساسيات مهنة النجارة وأضاف «من خلال هذا العمل الذي قام به المتدربين وجدنا نجاحا باهرا وقوة ارادة لدى المتدربين بعد ان لاحظنا الثقة الكبيرة التي وضعها المجتمع في أبنائنا المتدربين خاصة في ظل الغش الذي يتعرض له اصحاب المنشأة من قبل العمالة الأجنبية وغياب الأمانة والصدق في التعامل». شباب سعوديون في الورش الصناعية «الرياض» قامت بجولة في المجمع الصناعي بأبها وجدت من خلالها ان تلك الأيادي الشابة السعودية اصبحت تمتهن العديد من المهن الصناعية فما بين ميكانيكي سيارات ودهان وسمكري وكهربائي أصبح الشاب يؤمن مصدر رزقه عبر هذه المهن عاملا من اجل تحقيق تطلعات وتوجيهات القيادة الرشيدة للحفاظ على ثروات ومكتسبات الوطن.. وتنازلوا عن قناعاتهم فلبوا احتياجات سوق العمل فكان الشاب طارق بن حسن آل هادي (ميكانيكي سيارات) نموذج سعوديا للأيادي الشابة تخرج من المعهد المهني عام 1419ه عمل بعد تخرجه في احدى الشركات الكبرى قسم الصيانة تدرب تدريبا مكثفا الى ان اتقن عمله بالصورة التي تؤهله لإفتتاح ورشته الخاصة موضحا الهادي خلال حديثه ان هذا العمل فكر فيه عندما رأى انه واجب وطني عليه القيام به نحو تحقيق تطلعات القيادة مؤكدا انه مصدر دخل لا يعرفه الا من عمل فيه فهو ذو مكاسب عالية او صلته الى ان افتتح ثلاثة مراكز صيانة للسيارات بصناعية أبها.. وقال آل هادي عملت هنا وكان الفضل بعد الله لوالدي الذي شد من أزري نحو العمل في هذا المجال ووجدنا ان معهد التدريب الذي وفرته الدولة هو المكان المناسب لكي اصل الى ما اصبوا اليه والان لن اقف الى هذا الحد بل كنت أوجه زملائي على التدريب لدي والتطبيق ولدي الان عشرة موظفين من الشباب السعودي.. وعن نظرة المجتمع قال آل هادي في البداية كنت ارى من ينظر الى مهنتي بنظرة قاصرة ولكن مع مرور الوقت والانفتاحية على العالم تفهم المجتمع لهذه المهن فوجدت الكثير من الاحترام والتقدير وأقربهم قد تكون زوجتي التي وقفت معي في بداية هذا الطريق.. من جانب آخر وفي ختام الجولة أشار الشاب علي عسيري سمكري سيارات الى انه يفتخر ويعتز بهذه المهنة وقال يكفيني أنها دخل مادي جيد يمنعني من السؤال فقد اعتمدت على الله ثم على المهنة في الدخل الشهري وأصبحت مصدر رزق اعتز فيه وحول تطلعاته المستقبليه في هذا العمل قال الكثير منا له طموح ولعل هذه المهنة هي بداية انطلاقتي في الحياة حيث تخرجت من معهد التدريب المهني عام 1423ه اكتسبت فيه خبرات واسعة في مجال السيارات وأنا الآن اخطط لمستقبل احاول فيه ان اكون صاحب مركز للصيانة.