منذ أن سطع نجم الإمامين محمد بن سعود والإمام محمد بن عبدالوهاب رحمة الله عليهما على دعوة التوحيد ودعوة إعادة الناس إلى الأصلين الكتاب والسنة ودعوتهما تسري في الأمة وتضيء أرجاء الكون في دعوة سلفية خالية من الشرك والبدع والمحدثات وقد لاقت هذه الدعوة منذ بزوغها توفيقاً وتأثيراً في الأمة كلها حتى خرجت دعوات متأثرة بدعوة التوحيد وذلك في المشرق والمغرب وقد تكلم الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله عن عدد من الدعاة الذين تأثروا بالدعوة السلفية وكان أعظم تأثير للدعوة في مكان خروجها وأعني بالذات نجد فقد تغيرت أحوال الناس وتغيرت مفاهيمهم الى الوجه الصحيح والى الفهم الصحيح للدين وعرف الناس كل الناس أن الدين مصدره كتاب الله وسنة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - وأنه لا كلام لأحد أياً كان مع كلام الله وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - وهذا سر نجاح الدعوة وقبول الناس لها بل إن الإمام محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - أكد على هذا في رسالة يحفظها الصغار قبل الكبار وهي ثلاثة الأصول التي هي مقررة في المرحلة الابتدائية في مدارسنا بالمملكة وهذه الرسالة تؤكد على ثلاثة أصول كما هو عنوانها الأول: معرفة الله الثاني: معرفة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم الثالث: معرفة دين الإسلام بالأدلة ومقصود الشيخ من هذا الكلام لا يخفى على أحد أنه يقصد. إن هذا الدين لا يؤخذ من غير دليل وأنه لا أصول لهذا الدين إلا هذه الأصول الثلاثة التي ذكرها وأكد في الأصل الثالث منها بقوله معرفة الإسلام بالأدلة وكلمة الأدلة هنا صريحة وواضحة في نبذ التعصب ونبذ الجمود على أقوال الفقهاء وترك النصوص الثابتة لأجل كلام الرجال ومما يذكر لهذه الدعوة المباركة أنه قيل فيها ما قيل وعظم الافتراء عليها حتى جلت الحقائق بمقابلة هذه الدعوة من أبناء الإمامين محمد بن سعود ومحمد بن عبدالوهاب ومناظرتهم وكشف الشبه التي قيلت عنهم وقد ذكر في رسائل علماء نجد أن تقابلوا مع وفد من علماء الأزهر وأقر علماء الأزهر لعلماء الدعوة بالصواب والحق فيما دعوا إليه وكذبت الافتراءات التي قيلت فيهم ومما يذكر هنا ما حصل من لقاء بين الإمام سعود بن محمد بن سعود والإمام الشيخ عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب مع علماء مكة من مشائخ المذاهب الأربعة وما حصل منهم من اقرار بأن الدعوة حق وأن ما قيل فيها إنما هو كذب وافتراء وقد حصل هذا اللقاء بعد دخول الحرمين في أمان هذه الدعوة وذلك في سنة 1218ه ولولا خشية الإطالة لذكرت نص المقابلة والحوار الذي جرى بين الشيخ عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب والإمام سعود بن محمد بن سعود وعلماء ومفتي المذاهب في مكة وهذه المقابلة والمحاورة موجودة في رسائل علماء نجد والدرر السنية. وأقصد من هذا كله أن دعوة الإمامين أنها دعوة تجديد و نبذ للتعصب وإعادة للناس الى الأصلين الكتاب والسنة وأكون صريحاً حينما أقول أن ما قيل في هذه الأيام من بعض الإعلاميين أن تعيين أعضاء في هيئة كبار العلماء قصد به تمثيل المذاهب الأربعة وتوسيع دائرة الفتوى أقول بصدق وحقيقة أعلمها ويعلمها كل عارف بمنهج الدعوة التي قامت عليها هذه الدولة المباركة أن لا تعصب لمذهب من المذاهب وأنه لا تضييق في الفتوى والقضاء على مذهب معين لا لمذهب الحنابلة ولا لغيرهم وإنما الكلام فيه كما قال الشيخ معرفة الإسلام بالأدلة وليست معرفة الإسلام بقول فلان أو فلان حتى أن الشيخ عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب ذكر أن الدعوة لا تأخذ بكل كلام الشيخين ابن تيمية وابن القيم مع منزلتهما العالية وتحقيقهما فقد كانوا يخالفونهم فيما يرون أنهم اجتهدوا فيه وأخطأوا وذكر مسائل خالفوهم فيها فأي كلام أبين وأكثر صراحة من هذا الكلام وما سار عليه علماؤنا منذ قيام الدعوة الى وقتنا هذا هو سائر على التزام الكتاب والسنة ونبذ ما خالفهما وأحسب أن كل منصف لا يسعه أن يقول إلا الحق ولا يفتري على علمائنا ويصمهم بالتعصب والتمذهب ونبذ الدليل وأحسب أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود سليل الإمام محمد بن سعود وسماحة المفتي عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ سليل الإمام محمد بن عبدالوهاب أنهما سائرين في التجديد ونبذ التعصب ومكملين لسيرة أسلافهما من الملوك والعلماء والأئمة رحمة الله تعالى عليهم أجمعين وجزاهم الله عنا خير ما جزى علماء وأمراء عن أمتهم، وسدد ولاة أمرنا وعلمائنا ووفقهم الى كل خير. * كاتب العدل بالرياض