سحبت مؤسسة النقد العربي السعودي نحو 26.2 مليار ريال من ودائعها لدى البنوك في الخارج، لتصل بنهاية شهر يناير الماضي إلى 353.2 مليار ريال، مقابل 379.4 مليار ريال بنهاية 2008م. ويفسر هذا السحب احد أهم الأسباب التي دفعت إجمالي موجودات المؤسسة الخارجية للانخفاض للشهر الثاني على التوالي، من أعلى رقم سجلته في نوفمبر 2008م والبالغ 1730 مليار ريال، إلى 1681 مليار ريال في يناير الماضي، علما أن اكبر مستوى للودائع الخارجية حل أيضا في شهر نوفمبر الماضي ووصل إلى 384 مليار ريال. وتعلن مؤسسة النقد بياناتها الإحصائية بصورة شهرية، لكنها لا تعطي إيضاحات للتغيرات الملفتة التي تحدث في الأرقام المتعلقة بالأنشطة النقدية والمصرفية. ويعتقد أن لعملية السحب من الودائع الخارجية علاقة بالخطوات التي قامت بها مؤسسة النقد في الأشهر الماضية، لتدعيم الاستقرار في القطاع المصرفي السعودي في ظل الأزمة العالمية، وتخفيض تكلفة الإقراض، ورغبتها في توفير المزيد من السيولة لتتمكن البنوك السعودية من أداء أدوارها التمويلية. وقد يكون لها علاقة برغبة الحكومة في الاستمرار في الإنفاق على المشاريع بصورة تتجاوز التقديرات الزمنية مع انخفاض ايرادات النفط، وتخفيف الضغوط مع تراجع تنفيذ المشاريع في القطاع الخاص. وتشير البيانات الإحصائية التي أعلنتها مؤسسة النقد إلى أن استثماراتها في الأوراق المالية في الخارج ارتفعت في شهر يناير بأكثر من 109 ملايين ريال، وصولا إلى 1154 مليار ريال رغم العواصف العاتية التي تسد الأفق الآفاق الاستثمارية منذ عام، وهي إشارة إلى سلامة المركز المالي للمؤسسة، وقدرتها على إدارة احتياطيات الحكومة ، مع الإشارة إلى أن هذه الاستثمارات سجلت انخفاضا محدودا في نهاية ديسمبر الماضي، وهو تراجع منطقي يأتي في نهاية عام مالي يتم خلاله إعادة تقييم الاستثمارات. وأظهرت البيانات الإحصائية تطورات ايجابية تتماشى مع خطوات تدعيم استقرار السيولة في القطاع المصرفي، وتتعلق بانخفاض مطلوبات البنوك من القطاع الحكومي إلى 210 مليارات ريال مقابل 242 مليار ريال بنهاية 2008م ، ويمكن حصر الأسباب في احتمال قيام الحكومة بتسديد جزء من الدين العام نظرا لتحسن وضعها المالي، ورغبتها في الوقت الحالي في عدم مزاحمة القطاع الخاص في هذه الظروف بالاقتراض، وإتاحة الفرصة له بالحصول على التمويل المناسب بتكلفة اقل. وانتهجت مؤسسة النقد العربي السعودي مؤخرا سياسة نقدية تهدف إلى تحقيق الاستقرار في القطاع المالي في ظل الأزمة المالية العالمية، وتوفير السيولة وخفض تكلفة الإقراض لتلبية الطلب المحلي على الائتمان، بهدف ضمان استمرار المصارف بأداء دورها التمويلي للعملية التنموية في المملكة. ومن أهم هذه الخطوات إنشاء ودائع زمنية مع المصارف المحلية ولمدة طويلة نسبياً نيابة عن الهيئات والمؤسسات الحكومية. وتم هذا من خلال التنسيق مع تلك الهيئات والمؤسسات الحكومية باعتبار هذه الودائع تمثل ودائع عملاء تدخل ضمن نسبة الودائع إلى القروض، مما يعطي المصارف إمكانية التوسع في عمليات الائتمان.