وعد الملك الأسطورة ملك الإنسانية وأوفى لمقولته «شعبنا بدأ لتوه الآن الانفتاح على العالم واعتقد انه بمرور الايام في المستقبل كل شيء ممكن». لن ننسى هذه المقولة التي وردت في أول لقاء صحفي لملك الانسانية بعد توليه الحكم إذ تعهد بالدفاع عن حقوق المرأة السعودية وصرح بأن هذا اليوم سيأتي تدريجياً. ويسجل التاريخ له اليوم هذا الحدث بنقلته النوعية غير المسبوقة بتعينه لامرأة في منصب قيادي وإعطائها الثقة. هذا القائد الذي تبلورت في عهده كل الأزمنة يختلف في وجهة نظري كل الاختلاف ليس في منصبه وحسب ولكن في أسلوب تفكيره العصري والنقي من الشعارات الباهتة والمتقد بذكاء فطري فقده الكثيرون من قادة عالمنا ومجتمعاتنا المعاصرة. يشهد التاريخ للملك الباشق السبق في كثير من مواقفه على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وعلى جميع المستويات المحلية والاقليمية والعالمية، ولكن في هذا الموقف يتحدث التاريخ عن رمز التجرد الذي يستلهم الماضي لمواكبة الحاضر واستقراء المستقبل بأسبقية دعمه للمرأة وتعزيزه لدورها في المشاركة بالبناء، حيث تشهد المعطيات للمرأة السعودية بأنها قادرة على اعتلاء صهوة النجاح فتظهر للعيان الانجازات التي حققتها وحضورها المتألق وبصماتها ولا يمكنها تخطيه مهما تعددت مهاراتها وقدراتها. إلا أن الملك الاسطورة أعطاها الثقة وسلمها أدوات اختراق هذا السقف الوهمي الذي أعاق تقدمها كثيراً، واليوم مكنها حفظه الله من تجاوز الأسوار لتنطلق نحو تحمل مسؤولياتها ولتحث الخطى نحو العطاء والمشاركة الفعالة. فمناصرة خادم الحرمين للمرأة نحو تغير المواقف لصالحها يأتي من منطلق إيمانه بكينونة المرأة وجزئيتها في المجتمع كمواطنة لها دور في اتخاذ القرار والتأثر في مجريات ونتائج الأحداث وهذا تفعيل وانسجام مع مقولته «المرأة السعودية هي مواطن بالدرجة الأولى له حقوقه وعليه واجباته ومسؤولياته وذلك وفق الضوابط الشرعية التي حددها الحق سبحانه وتعالى». وله حفظه الله عدة مقولات في نفس السياق وعلى نفس النهج وفي مناسبات مختلفة فمنها «لن نسمح أن يقال إننا في المملكة العربية السعودية نقلل من شأن أمهاتنا وأخواتنا وبناتنا ولن نقبل أن يلغى عطاء نحن أحوج الناس إليه». ثم أيضاً «إن قيادة هذا الوطن لن تسمح لكائن من كان أن يقلل من شأن المرأة أو يهمش دورها الفاعل في خدمة دينها وبلادها». وشملها بقوله «لا يمكن أن نتجاهل بأي حال من الأحوال دور المرأة السعودية ومشاركتها في مسؤولية النهضة التنموية التي تشهدها بلادنا وفي خدمة دينها وبلادها وبناء الوطن باعتبارها نصف المجتمع، إننا نتطلع أن يكون للمرأة دور كبير بحيث لا يحكمنا في هذا المجال سوى ميزان الشرع بما يحقق مصلحة الأمة». فلم يأت هذا التعين منعزلاً عن قناعاته فيما يخص رؤيته لدور المرأة السعودية ومشاركتها في تنمية مجتمعها وتفعيل شراكتها فيه، فقد دعم هذا الموقف وبتوجيهات منه وسلسلة من التشريعات الحكومية أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر افتتاح أول جامعة سعودية تحمل اسم امرأة وهي (جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن) ودمج الرئاسة العامة لتعليم البنات مع وزارة التربية والتعليم واستصدار بطاقات الأحوال الشخصية للنساء إضافة لافتتاح مكاتب خاصة للنساء في المحاكم والسماح بافتتاح المكاتب الهندسية للنساء وغيرها. كما سبق بتعينات لسيدات سعوديات في مناصب ريادية أقل درجة من تلك إلا أنها لا تقل أهمية عنها في سلم التدرج في التأهل والتأهيل للقبول بهذا الدور القيادي للمرأة في مجتمعها، فمن هذه التعيينات كان تعيين الأميرة الدكتورة الجوهرة بنت فهد بن محمد مديرة لجامعة البنات بالرياض وتعيين الدكتورة نورة اليوسف مستشارة في مجلس الشورى وتم مؤخراً تعيين الدكتورة فاطمة السليم دبلوماسية بالسفارة السعودية في أتوا، كندا. يعتبر التشكيل الوزاري الأخير مرحلة جديدة في نظام الادارة المحلية حيث مرت المملكة بعدة مراحل شكلتها عوامل تاريخية واجتماعية واقتصادية وسياسية، هذه المرحلة تدخل فيها حنكة الملك الأسطورة حيث كان له بعد نظر الأب الحكيم الذي جاء انفعاله وتفاعله مع المواقف ومتطلبات المرحلة باتخاذ قراره الحكيم في الوقت المناسب وبالصيغة المناسبة باختيار المرأة لمواصلة دورها وفق مقايس مشرفة تبعد عنها التعيين الصوري لشغل المنصب استجابة لأصوات خارجية أو خلافه. وقد جاء الاختيار للشخصية الملائمة لشغل المنصب المتوافق مع مجال التخصص والخبرة اللازمة لتخدم المهمة ومتطلباتها ضمن خطط التنمية الشاملة مما سوف يكون له التأثير الإيجابي على صنع ورفع الطموح لدى المرأة في تحقيق المزيد والمشاركة الفعالة في المجتمع بأسره ضمن منظومة التطور المنشود. ٭ أستاذ مشارك/ جامعة الملك سعود