٭٭ تقود محطة الجزيرة حملة نداء وتعاطف مع تيسير علوني مراسلها الشهير في أفغانستان إبان الحرب الأمريكية عليها، والمحتجز الآن في احد السجون الأسبانية - فك الله أسره -.. وهذا عمل تفرضه تقاليد مهنية معروفة في الأوساط المؤسسية - إعلامية وغيرها - وما لم تفعل المحطة مثل هذا وتبادر إليه.. فإنها سوف تخضع للمساءلة والشك من قبل جمهور مشاهديها.. إلا أن السؤال الذي يفرض نفسه على الجزيرة وهي «منبرمن لا منبر له»! أين هي من معاناة أبرز أسير عربي في العقود الأخيرة.. أعني مروان البرغوثي.. هذا المناضل الفلسطيني القابع منذ مجزرة جنين بين قضبان السجون الإسرائيلية. .. إنه مظلوم مرتين ..مرة إذ يصمت ذوو قرباه الفلسطينيون عن ممارسة الضغط فلسطينياً وعربياً وعالمياً على إدارة الاحتلال الإسرائيلي، التي ما تزال تحتجزه في ظل ظروف بالغة السوء.. وهذا أشد على نفسه من وقع الحسام المهند. ومرة أخرى حين يصمت الإعلام العربي.. وفي مقدمته قناة الجزيرة التي نصبت نفسها في برامجها الشعبوية مدافعاً عن حقوق العرب وقضاياهم!! فأين هي قضية مروان البرغوثي.. هذا المناضل الشريف الذي قاد الانتفاضة الفلسطينية بكل بسالة وتقشف ونكران ذات.. فهو آثر أن لا يكون كبعض رفاقه مناضلاً من بين غرف الفنادق، وصالات الاجتماعات، وأجنحة الطائرات، وأضواء الكاميرات، بل وجدناه يعيش مع زوجته المحامية وأطفاله في شقة متواضعة، معترفاً انه لم يتمكن من شراء ملابسه إلا بفضل معونة أخيه العامل في المملكة.. لم يتاجر مروان البرغوثي بقضية شعبه، ولم يستثمرها كغيره في استثمارات مشتركة مع الإسرائيليين!! ولم يساهم في إنشاء كازينو أريحا الشهير بعد اتفاقية أوسلو المشؤومة! لقد بذل نفسه رخيصة في سبيل استعادة حقوق وطنه وشعبه.. وحينما يرى المصلحة راجحة لفلسطين والفلسطينيين، فإنه يقف مع الإجماع الوطني على حساب معاناته الشخصية.. ٭٭ حدث هذا بعد غياب الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، حيث تطلع مشايعو مروان ومناصروه من شباب الانتفاضة، لترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية منافساً للسيد محمود عباس.. وكان مرشحاً قوياً إلى درجة أزعجت دوائر أبي مازن، الذي أوفد البعوث والرسل إلى مروان البرغوثي، طالباً منه الانسحاب من الساحة في مقابل ضمان إطلاق سراحه بعد فوزه!! وهكذا خرجت زوجته الوفية أمام الكاميرات العالمية، لتعلن موافقة زوجها على الوقوف وراء ترشيح محمود عباس ودموعها تبلل وجهها.. وكأنها تدرك بأن هذا الوعد ما هو إلا سراب، سوف يتلاشى بعدما يجلس المرشح على كرسي الرئاسة الوثير، ويتقاسم مناضلو التصريحات وعشاق الأضواء التلفازية مواقع النفوذ!! دون أن يتذكر أي منهم ما يحل برفيقهم المناضل من عسر وضيق وشدة في السجون الإسرائيلية. وإذ اعتادت محطة الجزيرة على تتبع تصريحات المعارضين السياسيين، واصطناعهم أحياناً ! فإنها لا تتذكر هذا المعارض الشريف والمناضل الحقيقي.. فلا نراها تقود حملة من حملاتها! ولا تكاد توجه اللوم مجرد اللوم ،نحو تقاعس المسؤولين الفلسطينيين عن الانتصار لرفيقهم والعمل على فكاك أسره !! إنه لموقف غريب مثير للسؤال.. بل أكثر من السؤال!