يقف فريق الهلال على أعتاب بوابة مجد جديد هذا المساء وهو يواجه توأمه التاريخي «الشباب» في نهائي كأس سمو ولي العهد في بطولته ال 34. إذ أن فوز (الزعيم) بهذاالكأس يمنحه شرفاً تاريخياً غير مسبوق كأكثر الأندية السعودية حصولاً على هذا الكأس الغالي ب (8) ألقاب متقدماً للمرة الأولى على الاتحاد - عميد الأندية السعودية، الذي كان يشاطر الهلال ذلك الانجاز المميز حتى الموسم الماضي بواقع (7) بطولات لكل منهما في مسابقة كأس ولي العهد بعدما طوى «الفارس الأزرق» المسافة واختصر الزمن بتحقيقه ثلاثة ألقاب منها في المواسم الأربعة الماضية. خلافات تاريخية والقاسم التاريخي المشترك بين قطبي نهائي اليوم هو القامة الرياضية العملاقة الشيخ عبدالرحمن بن سعيد «85 عاما» مؤسس الناديين وأول رئيس لهما. فقبل (63) عاماً قام نادي «شباب الرياض» الذي في جعبته اليوم ثلاثة ألقاب من كأس ولي العهد ثم تحول اسمه فيما بعد إلى «شباب الرياض البلدي» وانتهى به المطاف إلى «الشباب».. وقصة تأسيسه كما جاءت على لسان «رائد الحركة التأسيسية للرياضة بالمنطقة الوسطى» الشيخ عبدالرحمن بن سعيد عبر «الرياض» تتخلص في خلاف نشب بين مجموعة أفراد فريق الموظفين وهم نخبة من موظفي الحكومة والمؤسسات بالرياض شكلوا أول فريق رياضي يمارس كرة القدم في العاصمة عام 1365ه عصر كل يوم جمعة (اجازتهم الأسبوعية) في ميدان الملز لسباق الخيل. وكان سبب الخلاف والكلام لأبي مساعد: نقاش حاد في أحد التمارين بين رئيس فريق الموظفين حمزة جعلي (رحمه الله) وبين أحد اللاعبين وهو الشاب فؤاد محمد أحمد صائغ (رحمه الله) وكان من خيرة الشباب لعباً وسلوكاً لعدم إعادته فانلة الفريق بعد نهاية التمرين، وكان والد فؤاد وهو محمد أحمد صائغ -رحمه الله - أحد مؤسسي فريق الموظفين وأحد الموظفين الكبار كان غير راض لما حدث لابنه من الجعلي فاقسم ألا يعود ولده إلى هذا الفريق (الموظفين) مرة أخرى. وفي اليوم التالي والكلام لا يزال «لابن سعيد» اجتمعنا في المكتب وكنا مجموعة قريبين من بعضنا للتفاهم حول هذا النزاع وهم: صالح ظفران، حامد نزهت، محمد أحمد صائغ وابنه فؤاد (رحمهم الله) وعبدالحميد مشخص «متعة الله بالصحة والعمر المديد» وعبدالرحمن بن سعيد وعز علينا أن تهان كرامة زميلنا أمام حشد كبير من المتفرجين لأتفه الأسباب. الانفصال اقترحي وبعد الاجتماع فيما بين هذه المجموعة جاء الاقتراح بالانفصال من فريق الموظفين وكان اقترحي أنا شخصياً وطلبت منهم الموافقة وسنطلب انضمام عدد آخر من اللاعبين الاحتياطيين للحاق بنا وانضم إلينا فيما بعد «محمد إبراهيم مكي تكروني» رحمه الله وكان مسؤولاً عن كراج وسيارات صاحبة السمو الملكي الأميرة العنود بنت عبدالعزيز (رحمها الله) وطلب أن يكون لنا اجتماعات متواصلة على مدار الاسبوع وفي غرفته بكراج الأميرة العنود في حي «الغراوية»... وفعلاً تم الاجتماع واعتبرنا أنفسنا خارج دائرة «مالية الرياض» وهي ملتقى الموظفين جميعهم وكان مقرها في الصفاة مقابل قصر الحكم من الناحية الشمالية ومربوط جسرها المبني من الطين بالقصر ممتداً من المالية - الناحية الشمالية الغربية - وبشكل دائري إلى ربطه بقصر الحكم من الناحية الغربية الجنوبية. أول جيل مثل الشباب وبما اننا انقسمنا ولم يعد لنا صلة بفريق الموظفين وسننشيء فريقاً جديداً ومن له الرغبة فيه فليهيئ نفسه ليوم الجمعة المقبل وسيكون الملعب بقرب فريق الموظفين من الناحية الجنوبية.. ولعلمنا ان فريق الموظفين عددهم كبير وان من لم يكن لديه امكانية المشاركة معهم حتماً سيتوجه إلى فريقنا الجديد ليجد الفرصة أمامه أكبر. وبدأ العمل الجاد بتحديد الأرض وضربنا الأركان لمعالم الملعب بعد التخطيط والتنظيف وقد اجتمعنا أيام الاثنين والثلاثاء والاربعاء وكنا في بداية الأمر أربعة فقط: عبدالرحمن بن سعيد - صالح ظفران - محمد أحمد صايغ - حامد نزهت إضافة إلى المضيف صاحب المكان الذي تم فيه الاجتماع الأول «محمد إبراهيم مكي» وبدأنا تداول الرأي وكيفية تكوين الفريق وتموينه ورئاسته إضافة إلى اسمه وهو المهم من أجل تعريف الناس به فضلاً عن اختيار شعاره. وقد طرحت اسماء كثيرة وكذلك ألوان شعار الفريق وفي هذا الوقت كسب الشباب أحد شخصياته التاريخية اللامعة وهو أحد المتحمسين الشيخ عبدالله بن أحمد «رحمه الله» وقد تأخر التحاقه بهذا الفريق لينظر ماذا سيكون وضعه المستقبلي.. فلما تأكد من جدية الموضوع انضم مجدداً إلى الشباب كما انضم آخرون ومنهم: توفيق جستنيه - عبدالله المجرشي - جوهر العبدالعزيز - إبراهيم بن فياض، إبراهيم بن محياء - غازي المطيري - سعد بن مزروع. وبدأنا نستقبل في كل يوم لاعباً أو لاعبين جدداً وساهم عبدالله بن أحمد في المشاركة الفعالة والاسماء المطروحة لتسمية الفريق هي: «الاتحاد - الأهلي - الوحدة- شباب الرياض». حامد نزهت ومحمد أحمد صائغ وفؤاد صائغ كانوا يحبذون اسماء أندية المنطقة الغربية وعبدالرحمن بن سعيد وصالح ظفران يميلون إلى الاستقلال باسم جديد ولا مانع من الاسم المقترح «شباب الرياض» وانضم فيما بعد عبدالله بن أحمد مع الراغبين في تجديد الاسم وابعاده عن التسمية المقلدة وضربت قرعة بين الاسماء المطروحة فكان من الصدف وحسن الحظ ان ظهر اسم «الشباب الرياض» وتم ذلك. صالح ظفران وراء الشعار أما الشعار فاقترح المرحوم «صالح ظفران» اختيار شعار الدولة ذي اللونين «الأبيض والأخضر».. أما رئاسة النادي فهي ضمناً لعبدالرحمن بن سعيد ولم يعارض عليها أحد للأمور التالية: 1- لأنه صاحب الاقتراح بالانفصال عن فريق الموظفين وتأسيس فريق جديد. 2- التمويل للفريق بالألبسة الرياضية بما فيها الأحذية وغيرها.. وكذا المبالغ المالية المطلوبة. 3- صرف بداية تخطيط الملعب وما انفق عليه. 4 - وجاهته أمام مجتمع الرياض الذي كان يعارض آنذاك فتح أبواب أندية أو تجمعات كما تسمى وسيكون واجهة لاقناع وشرح هذا الموضوع للمشائخ والهيئة والأعيان.. الأمر الذي يصعب على الآخرين أموراً كثيرة جداً وهامة. أما الآخرون فلم يطلب منهم أن يكون رئيساً فمثلاً صالح ظفران «رحمه الله» وهو شخصية مرموقة لم يكن يرغب في اظهار اسمه كمسؤول وحتى العضوية الرسمية فيما بعد رفضها وكان محباً بصدق للنادي وشارك في تأسيسه وأصبح عبدالله بن أحمد «رحمه الله» نائباً للرئيس. بدأت تمارين فريقنا الجديد بعد عيد الفطر لعام 1367ه وهو تاريخ بداية وتأسيس نادي الشباب.. وهذه الانطلاقة الحقيقية للممارسة الرياضية بمنطقة الرياض. أول مدرب للشباب استمر رائد الحركة التأسيسة للرياضة في المنطقة الوسطى «عبدالرحمن بن سعيد» في رئاسة نادي الشباب عشر سنوات متتالية (1367- 1377ه). ويعتبر أول مدرب للشباب واشرف على مرانه وفق امكاناته الفنية والمعلومات التدريبية التي اكتسبها بخبرته آنذاك كما يقول رفيق دربه الرياضي الشيخ عبدالله بن أحمد (رحمه الله) في حوار سابق له مع «الرياض» وكان (ابن احمد) نائباً لابي مساعد طوال تلك السنوات العشر قبل ان يتنازل له (ابن سعيد) عن مقعده الرئاسي الشبابي في العام الذي شهد الانقسام الشهير بين رجالات الشباب وبين الشيخ عبدالرحمن بن سعيد الذي ترك «شيخ الاندية» الى غير رجعة واسس نادي الهلال في تلك السنة (1377ه) باسمه الأول (الأولمبي). الضياع الشبابي وعاش شباب الرياض مرحلة ضياع عقب ابتعاد مؤسسه ورئيسه الأول بعامين وشاخ خلالها عندما قرر رئيسه الثاني عبدالله بن أحمد، الذي كان همه الوحيد مع بداية عام 1379ه تجميد نشاط النادي وانحل بصفة نهائية وتفرق لاعبوه بين الهلال والاهلي (الرياض حالياًَ) لنحو ستة أشهر وكان من اللاعبين الشبابيين الذين اتجهوا للهلال عبدالرحمن بن احمد (الدينمو) ومهدي بن علي اللذان لعبا في صفوف الزعيم أمام الوحدة بنهائي كأس الملك 1381ه وهو الموسم الذي شهد ميلاد أول بطولة في تاريخ الأزرق الذي يقترب حالياً من بطولته الخمسين. دموع (ابن احمد) وقصة الانقسام الشبابي كما هو معروف تصاعدت وتيرتها جراء ذهاب ثلاثة من لاعبي الشباب بينهم دحمان السلوم (رحمه الله) و مهدي بن علي وسالم بن الاصوع الشهير ب سيد سالم لأداء مباراة في الناصرية تاركين مران الفريق الشبابي وهذا ما اثار غضب عبدالرحمن بن سعيد الذي أصر على ايقافهما.. أو انه سيترك الفريق ودمعت عينا رئيس الشباب المرحوم عبدالله بن أحمد حين وجد نفسه في أصعب موقف بين تلبية رغبة صديق عمره ورئيسه السابق (ابو مساعد) وبين اصوات بقية الشبابيين الرفضين فكرة ايقاف الثلاثي. القرار الأخير! وكان القرار التاريخي الذي اتخذه مؤسس الشباب بترك شيخ الأندية قبل (53) عاماً الى غير رجعة وخرج مع عبدالرحمن بن سعيد مجموعة من لاعبي الشباب ابرزهم مبارك عبدالكريم وكان حارساً للمرمى انذاك وعمره لا يتعدى (19) عاماً والمدافع العملاق صالح امان (رحمه الله) والكوش وصالح جابر وموسى إبراهيم والحكم الدولي السابق عبدالرحمن الموزان والنجم السوداني السر سالم. «الصقر الأزرق» ما زال يحلق لقد كانت مشكلة اللاعبين الثلاثة بمثابة الشرارة التي اشعلت نار غضب عبدالرحمن بن سعيد وشجعته على التفكير في الانفصال عن الشباب وانشاء فريق جديد بتأسيسه الأولمبي سنة 1377ه وتحول اسمه في العام التالي بأمر ملكي من جلالة الملك سعود رحمه الله إلى فريق الهلال زعيم اندية آسيا الذي حقق عشرات البطولات ولا يزال فارساً عملاقاً في ساحات المجد والانتصارات الخالدة وصقراً ازرق طار بكل القاب القارة الصفراء وما يزال يحلق بقوة في سماء البطولات المحلية.