سارت رياح التحالفات الإسرائيلية بما لا تشتهي سفن زعيمة حزب «كاديما» الشقراء، فكلف رئيس الدولة العبرية شمعون بيريس خصمها ومنافسها الأبرز بينامين نتنياهو زعيم حزب الليكود بتشكيل الحكومة الإسرائيلية القادمة. وقد ابلغ بيريس نتنياهو رسمياً بهذا التكليف في لقاء ثانٍ جمعهما، بعد ظهر أمس الجمعة في مسكنه الرئاسي بالقدس، وذلك بعدما فشلت جهوده - أي بيريس - في إقناع نتنياهو وليفني في اجتماعين سابقين وعلى انفراد، بتشكيل حكومة واحدة عريضة تضم كل من «كاديما، والليكود». ولم يأتِ قرار تكليف نتنياهو مفاجئاً في ضوء الدعم «الكافي» الذي حصل عليه من أحزاب اليمين الإسرائيلي والتي كان آخرها دعم «إسرائيل بيتنا» الذي يتزعمه العنصري افيغدور ليبرمان، ليحصل بذلك على دعم 65 نائباً في الكنيست الثامنة عشرة، مقابل 28 لصالح منافسته ليفني والتي تقتصر على نواب حزبها «كاديما». نتنياهو الذي التقى بيريس أولاً صباح أمس الجمعة قال: «إنه يتفهم الحاجة إلى حكومة وحدة». ووعد بأنه سيبادر فور تكليفه رسمياً بتشكيل الائتلاف الحكومي إلى دعوة حزب كاديما لمفاوضات بهذا الخصوص. وأضاف: أفضل أن اذهب بعيداً في العمل على تشكيل هكذا حكومة. وأعلن نتنياهو الجمعة إثر موافقته على تكليفه رسمياً بتشكيل الحكومة الجديدة أن إيران على رأس التحديات التي تواجه الدولة العبرية. أما ليفني التي فاز حزبها بأعلى الأصوات (29 مقعداً)، فقد خسرت للمرة الثانية فرصة كانت في متناول اليد لتكون المرة الثانية التي تتربع على عرش رئاسة حكومة إسرائيل بعد غولدا مائير - إلا إذا سارت الأمور باتجاه آخر ونجحت في الاتفاق مع منافسها نتنياهو على التناوب على رئاسة الحكومة المقبلة. وعقب لقائها برئيس الدولة العبرية، خرجت ليفني لتجدد مواقفها السابقة برفض الدخول في ائتلاف برئاسة نتنياهو. وقالت في تصريحات لها: أي شخص يضحي بجميع مبادئه من أجل الجلوس في هذا الائتلاف فإنه لا يستحق أن يكون في هذا المكان. وأضاف: هذا الائتلاف قائم على انعدام الرؤية السياسية. ائتلاف لا يسمح لي بالمضي في الطريق التي رسمها حزب كاديما. واعتبرت أن ائتلافاً عريضاً هو من دون قيمة إذا لم يكن قادراً على أن يقود الدرب. وأنا لا يمكن أن أكون غطاءً لغياب مثل هذه الطريق. وبدورهم أكد مقربون من ليفني أنه ما لم يوافق نتنياهو على مبدأ التناوب على رئاسة الحكومة فإنه لا يوجد ما يمكن الحديث عنه. وبدت ليفني بما افرزته الانتخابات الإسرائيلية كمن «انقلب السحر عليه» فقد شاركت قبل شهور طويلة في تحرك واسع، اشبه بالانقلاب الأبيض، على ايهود أولمرت زعيم حزب كاديما السابق ورئيس الحكومة، من أجل إحلال مكانه ونجحت، حتى قدم الأخير استقالته، تحت طائلة قضايا الفساد الموجهة له. وقد حلت مكانه في رئاسة «كاديما» لكنها فشلت في تشكيل حكومة بديلة، فكان القرار الذي لا مفر منه انتخابات مبكرة. ولكن نتائج الانتخابات جاءت أسوأ مما كان عليه الوضع قبلها ولم تكن لديها أدنى فرصة باستثمار حصول حزبها على أعلى المقاعد، بسبب تعاظم قوة اليمين واليمين المتطرف بقيادة نتنياهو وليبرمان، إلى أن انتهى الأمر إلى تكليف زعيم الليكود بتكليف الحكومة الإسرائيلية القادمة.