بدلاً من حالة الترقب والتلهف لحفل الأوسكار، والتي يصاب بها كل محبي السينما مع اقتراب ليلة توزيع أشهر جائزة سينمائية في العالم، يبدو أنني شخصياً لن أنضم، على غير العادة، لمتابعة الحفل هذه السنة، والذي يبث على الهواء مباشرة في الرابعة فجراً بتوقيت الرياض، وكان يضطرني أحياناً في السنوات الماضية إلى التأخر أو التغيب عن عملي! لذا سيكون حالي يوم الاثنين القادم، موعد حفل الأوسكار، كحال أي موظف مثالي ومواظب على عمله!. وعدم حماسي لمشاهدة أوسكار هذا العام هو لسببين اثنين وهما أن النتيجة شبه محسومة سلفاً لفيلم (سلمدوغ مليونير) المخيب للآمال إلا إذا حدثت مفاجأة، وأجزم أنها لن تحدث. والسبب الثاني، وهو المخيف طبعاً، أنه حتى لو حدثت مفاجأة فستبقى مخيبة للآمال، لأن الأفلام الأربعة الأخرى ليست أفضل حالاً من (سلمدوغ مليونير)، إن لم تكن بالعربي أو الأمريكي الفصيح (سيئة)!. ولكي أكون منصفاً، وأوضح كلامي أكثر، فإطلاقي صفة (سيئة) على هذه الأفلام ليس لسوء أو خلل فني فيها، بل (سيئة) لإنها تعتبر أفضل ما أنتجته السينما الأمريكية في عام 2008، وهذا ما يحيلنا، مجبرين، إلى مقارنتها بالأفلام المترشحة للعام الماضي، والذي قد يكون أقلها مستوى وهو فيلم (جونو) أو (مايكل كلايتون) أفضل من كل الأفلام الخمسة المترشحة هذه السنة، طبعاً ومن غير الوارد مقارنتها بالتحف الثلاثة الأخرى (لا وطن للعجائز) للأخوين كوين، الفيلم الذي خطف أوسكار العام الماضي، ولا (ستكون هناك دماء) لتوماس أندرسون، ولا حتى فيلم (التكفير) الرائع، الذي كم تمنينا أن أحدهما تأخر لسنة واحدة كي يسجله التاريخ في سجل الفائزين بالأوسكار. ولكن ما قد يخفف من مأساتنا هو معرفتنا أن كل عقد من الزمن تأتي فيه سنة كبيسة أو أكثر، وهذا ما يعيد إلى أذهاننا آخر سنة كبيسة مرت على السينما الأمريكية وهي سنة 2005 والتي كانت أفضل أفلامها حسب معايير أهل الأوسكار كلا من (جبل بروكباك) و(كابوتي) وفيلم ستيفن سبيلبيرغ (ميونخ) وفيلم جورج كلوني (حظا طيباً وتصبحون على خير)، وهي أفلام عادية وكانت الدلالة الكبرى على ضعف مستواها هو فوز فيلم (كراش) المنتج في عام 2004، وبسبب تأخر توزيعه وعرضه في أمريكا أصبح من الأفلام المحسوبة على 2005 ولو كان في موقعه الصحيح، أي في 2004، لما أستطاع مواجهة العجوز كلينت أيستوود ولا سكورسيزي ولا الكسندر باين في (مليون دولار بيبي) و(الطيار) و(جانبيات- sideways). الخلاصة هي أن 2008 سنة كبيسة لعشاق الفن السابع، فلا (القاريء) أبهرنا ولا (داوت الشك) سوف نشك في أنه من الأفلام التي ستخلد في الذاكرة ولا (المصارع) سيدخلنا في صراع على أحقيته بالأوسكار إذا فاز (سلمدوغ مليونير) الذي على ما يبدو سيكون فيلم 2008.. فيلم السنة الكبيسة!.