أظهر الاضراب العام الذي يشل منذ اسابيع مناطق الانتيل الفرنسية النزاعات الاجتماعية والعرقية الناجمة عن فترة الاستعمار في هذه الجزر الفرنسية البديعة وايضا الصعوبات القائمة في تطوير اقتصادها. واقيمت حواجز يوم" الاثنين" في غوادلوب حيث تم توقيف خمسين شخصا من قبل الشرطة افرج عن بعضهم. وتشهد هذه الجزيرة حيث تفاقم التوتر اضرابا عاما منذ 20 كانون الثاني/ يناير في حين بدأ اضراب مماثل في المارتينيك المجاورة في الخامس من شباط/فبراير. والمطالب الاولى للتحرك هي ذات طابع اجتماعي حيث يحتج "الائتلاف ضد الاستغلال" على غلاء المعيشة ويطالب بزيادة قيمتها 200 يورو لاصحاب الرواتب المتدنية. غير ان الجدل الذي اثاره التحرك سريعا ما كشف عن بعد عرقي لأن اهم القطاعات الاقتصادية في الجزيرتين لا تزال بايدي اقلية صغيرة من البيض يتحدرون من مستوطنين كانوا استعبدوا سكان الجزيرتين في القرنين السابع عشر والثامن عشر ويطلق عليهم "البيكي". وقالت كريستيان توبيرا النائب عن مقاطعة اخرى من مقاطعات ما وراء البحار: الغويان "إن طبقة تستولي على السلطة الاقتصادية وهي تستغل" هذه السلطة. واعتبرت راما ياد وزيرة الدولة الفرنسية لحقوق الانسان ان "هناك تبرما كبيرا بسبب غلاء المعيشة ومستوى القدرة الشرائية وما وراء ذلك بسبب مشكلة توزيع الثروة". واضافت ان "الظرف الاجتماعي هو الذي يفاقم" التوترات العرقية. وردد متظاهرون في المارتينيك شعارا استهدف "البيكي" في غوادلوب يقول "غوادلوب لنا غوادلوب ليست لهم". وزادت من حدة المشاعر تجاه هذه الاسر التي لم تختلط بالسكان الاصليين على مدى قرون، تصريحات نارية اطلقها احد اغنى اغنياء المارتينيك في تحقيق تلفزيوني بث في 30 كانون الثاني/يناير. واكد الان هيغاس-ديبوانت في تصريحاته بالخصوص انه "يرغب في الحفاظ على عرقه" الابيض. ويصعب قياس حجم التاثير الاقتصادي لهذه الاسر غير انه مهم جدا على مستوى الاستيراد والتصدير والتوزيع بالجملة ما يفسر اتهامها بالتسبب في ارتفاع الاسعار. وقالت باتريسيا برافلان-تروبو وهي جامعية من غوادلوب لمجلة نوفيل اوبسيرفاتور الفرنسية "ان الخصوصية عندنا هو ان المحظوظين الذين يسيطرون على 80 بالمئة من اقتصادنا هم جميعا من البيض ومعظمهم يتحدرون من مستعمرين اوروبيين سابقين". وعلى بعد سبعة آلاف كلم من باريس تتراكم في هذه الجزر التي يقصدها الفرنسيون لقضاء اجازاتهم، المشاكل الاجتماعية وذلك بالرغم من التحويلات المالية المهمة. وتبلغ نسبة البطالة نحو 22 بالمئة في غوادلوب (450 الف نسمة) والمارتينيك (400 الف نسمة). ولا يشكل اجمالي الناتج المحلي في هذه الجزر لكل فرد الا نسبة 60 بالمئة من معدله الفرنسي. غير ان جزر الانتيل الفرنسية هي اغنى بكثير من الجزر المجاورة وتجد صعوبة في الاندماج في الاقتصاد الاقليمي. وانطلاقا من مبدأ التواصل الجغرافي تمول الدولة الفرنسية النقل بين جزر الانتيل الفرنسية وباريس. وتوجد في هذه الجزر الخدمات العامة ذاتها المتوفرة في باقي المدن الفرنسية وفيها ايضا نفس الاسواق التجارية الكبرى التي تعرض المنتجات ذاتها ولكن باسعار اعلى بكثير. واكد وزير الدولة الفرنسي لمقاطعات ما وراء البحار ايف جيغو أن هذه الازمة الاجتماعية تتطلب ردا اقتصاديا. وقال "هناك مشكلة احتكار، احتكار اقتصاد جزر وهو من موروث المكاتب التجارية" الاستعمارية. وتتبع فرنسا العديد من مقاطعات ما وراء البحار وعلاوة على غوادلوب والمارتينيك هناك اراض اخرى في المحيط الهادئ والمحيط الهندي. ويعيش في هذه المناطق 2.3 مليون نسمة.