تهدف القمة المقبلة لحلف شمال الاطلسي إلى استعادة وحدة الحلف وإسدال الستار على الخلافات المريرة بشأن حرب العراق وبدء عهد جديد من الصداقة والاعتراف المتبادل. وعندما ينضم الرئيس الامريكي جورج بوش إلى زعماء الدول الخمس والعشرين الاخرى الاعضاء في التحالف الغربي خلال قمتهم التي ستعقد في بروكسل غداً الثلاثاء، فإن من المتوقع أن تؤذن مشاركته بفتح صفحة جديدة في العلاقات بين جانبي الاطلسي. وبعد مرور ما يقرب من عامين على الحرب التي قادتها الولاياتالمتحدة وانتهت بالاطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين والتي أدت إلى انقسام عميق في التحالف، تتزايد الآمال بشأن حدوث تناغم أكبر في مقر الحلف الذي بات مكتظا منذ التوسع الاخير للحلف في أوروبا الشرقية. وسيتعين على جميع الاطراف أن تبذل جهدا مضنيا لتحقيق التوافق والانسجام مع بعضها بعضا في وقت يخشى فيه دبلوماسيون في الحلف من أن بضع كلمات يساء اختيارها كفيلة بأن تخرب الجهود الرامية لتجاوز أسوأ خلاف شهده حلف الاطلسي منذ تأسيسه في عام 1949. وتتضمن الترتيبات اجتماعا مع الرئيس الاوكراني المنتخب حديثا فيكتور يوشينكو الذي من المتوقع أن يستمع إلى كلمات إطراء وتشجيع حار لخططه التي تهدف إلى التحول نحو الديمقراطية في بلاده المترامية الاطراف على الحدود الشرقية لحلف الاطلسي. ومن المنتظر أيضا أن يحصل يوشينكو على التأييد في إطار اتفاق الشراكة بين حلف الاطلسي وأوكرانيا بيد أن هذا لن يصل إلى حد تقديم عرض العضوية الكاملة في الحلف والتي كان سلفه ليونيد كوتشما قد وضعها هدفا لكييف في عام 2002. وفي أعقاب مغادرة يوشينكو سينصرف زعماء حلف الاطلسي إلى مناقشة الشئون الداخلية للحلف. والحقيقة أن بوش نفسه أوضح ما ينوي قوله خلال القمة وذلك عبر اثنين من كبار أعضاء إدارته وهما وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد اللذان زارا أوروبا هذا الشهر. فالرئيس الامريكي يريد أن يطوي صفحة الخلافات الماضية ولاسيما مع فرنسا وألمانيا بسبب الحرب على العراق وينتظر أن يتعهد بإجراء مزيد من المشاورات مع الشركاء الاخرين في التحالف الذي تهيمن عليه الولاياتالمتحدة. وعليه فلن يكون هناك ذكر في القمة لتعبير «أوروبا القديمة» الذي استخدمه رامسفيلد العام الماضي وقصد به الحط من قدر بريطانيا وألمانيا وفرنسا. وتراجع وزير الدفاع الامريكي عن كلامه هذا بعض الشيء عندما قال في مؤتمر دفاعي عقد مؤخرا في ميونيخ إن الولاياتالمتحدة بحاجة إلى مراجعة علاقاتها مع الاتحاد الاوروبي. وقال رامسفيلد إن العلاقة في شكلها الحالي «لا تخدم الاهمية المتنامية للاتحاد ولا المطالب الجديدة بشأن التعاون بين جانبي الاطلسي». وأضاف في نبرة استرضائية «في الوقت الذي برزت فيه خلافات بشأن العراق فإن مثل هذه الامور بين الاصدقاء القدامى ليست جديدة غير أننا استطعنا دوما حل أصعب القضايا». وثمة إدراك متزايد كذلك للحاجة الى مساعدة أكبر من حلف الاطلسي في العراق حيث أساءت الولاياتالمتحدة وعلى نحو خطير تقديرها لقوة المقاومة هناك. ولهذا السبب فإن الولاياتالمتحدة تبدو مسرورة لان ياب دي هوب شيفر سكرتير عام الحلف سيعلن خلال القمة أن كافة الدول الاعضاء على استعداد للمساعدة في إعادة إعمار العراق سواء من خلال التدريب أو التمويل.