أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن حميد المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل على طاعته واجتناب نواهيه داعياً للاستفادة من الدروس والعبر في التلاحم العظيم والبهيج من جماهير المسلمين مع إخوانهم في فلسطين وشعورهم شعور الجسد الواحد وكل الهتاف يعلو باسم الدين وباسم الإسلام ونصرة الحق وبكاء ودعاء ومدد وعون. وأشارت إلى قضايا الأمة وفي مقدمتها قضية فلسطين متجذرة في وعي كل الشعوب المسلمة من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها وهي فوق المصالح السياسية في أفغانستان وباكستان وفي ماليزيا ونيجيريا واسطنبول وفي الرباط والرياض وفي بغداد وفي مصر وفي الشام وفي كل بقعة ورقعة.وأكد أن ذلك الإجرام ما زاد المسلمين إلا لحمة وتماسكاً وتعلقاً بالله وارتفعت الألسن بالتكبير والدعاء وارتفعت راية القرآن وتبقى هذه القضية حية في القلوب والمجالس والمدارس والإعلام والأحاديث. وطالب ابن حميد بمزيد من الدعاء لإخواننا في فلسطين والقيام بالاستغاثة بالله والطلب منه العون والمدد داعياً إلى الاستمرار بالدعم بالأموال. وقال في خطبة الجمعة أمس بالمسجد الحرام: ونحن نعيش محنة إخواننا في غزة ونشهد هذا الظلم الواقع عليهم والبلاء الذي حل بهم جراء هذا العدوان الغاشم من العدو المحتل اليهود الغاصبين. ونتأمل الدروس والعبر في الأزمات والبلايا والنوازل فالشعوب تترفع عن خلافاتها الداخلية وترص صفوفها لدرء المخاطر مشيراً فضيلته أن الأمة في الآونة الأخيرة قد انكشفت وبرز ضعفها وظهر تمزقها وتعالت صيحات خلافاتها ونبرات نزاعاتها.وقال إنه في محنة غزة لم يكن الحال مختلفاً فقد انطلقت كلمات وعبارات ومواقف في همز ولمز وغمز. والشهداء يتساقطون والجرحى يصيحون والأطفال في بكاء والأرامل في عويل والأمة في إعلامها مشغولة في ملاسنات كلامية راد ومردود عليه ومسوغ ومفند والعدو المحتل يقتل ويدمر والأمة في عجز وحيرة وفي ظلال ثقة مهزوزة ونوايا غامضة وأهداف مشوشة وأولويات مرتبكة. ووجه إمام وخطيب المسجد الحرام حديثه إلى رجال السياسة ورجال الإعلام قائلاً إن ذلك ليس من مصلحة قضية فلسطين ولا كل قضايا الأمة ولن ينقذ إخواننا في غزة الحديث على دور دولة أو هيئة أو منظمة وقال إن الأمة كلها في سفينة واحدة وفيها من الثقوب والخلل والضعف والهوان ما يجعل من الممقوت أن يختلف ركابها وتعلو أصواتهم. ولا يسعى أحد للإنقاذ كأنه ليس فيهم رجل رشيد. وأوضح أن هذه النوازل والمحن يجب أن تكون سبباً لتماسك الصرف والبعد عن تبادل الاتهامات وهذا كله يزيد الفرقة ولا يخدم القضية بل ينزع الثقة من كل القيادات وأهل الفكر والعلم والسياسة. وقد افرغت مواقف الأمة من التأثير ومواقعها من الفائدة. مؤكداً أنه من المواقف الشائنة توظيف هذه المآسي في معادلات سياسية لمصالح طرف ضد طرف. وقال يجب التوقف عن اللوم والتلاوم والمزايدات التي تعرف المسار وتحرف عن الجادة وتمكن للمعتدين الوقت. مشيراً إلى أن الوقت ليس وقت تلاوم فالعدو يقتل ويهدم ويحرق ويفسر فالكل في خندق واحد والكل مستهدف. وأكد الدكتور ابن حميد أن العدو الغاشم يراهن على تحويل أزمات الأمة إلى نزاعات وفتن سياسية ومذهبية وحزبية وطائفية. وقال إن على رجالات الأمة وقادتها وإعلامها ومفكريها الرحمة بالشعوب وتوثيق الصلة وبناء الثقة بين المؤسسات العامة والخاصة وانتشالهم من حالة اليأس وفقد الثقة بأنفسهم وأمتهم وأهليهم. موضحاَ أنه ليس من السياسة ولا الكياسة توظيف المآسي والأزمات لتوجهات سياسية وانتماءات فكرية ورفع الشعارات والمزايدات والاتهامات وغيرها. وبيَّن إمام وخطيب المسجد الحرام أنه يجب أن يحترم صمود شعب غزة في الأرض المحتلة وتضحياتهم وحقهم في المقاومة وأن تحترم القضية وأن لا تجعل هذه القضية ورقة خلافات ونزاعات بين دول وأنظمة ومشاريع إقليمية أو دولية. وأضاف أنه في موقف الدروس والعبر تأتي الدعوة صادقة لإخواننا الفسطينيين بأن يستفيدوا من الدروس وأن ينتظموا صفاً واحداً أمام هذا العدوان الغاشم وأن يسير إخواننا الفسطينيون تحت راية واحدة وإرادة واحدة وإدارة واحدة في بعد حقيقي عن المزايدات والاستقطابات وتبادل الاتهامات وكفى بكتاب ربنا نوراً وهدى وسراجاً منيراً. وخاطب إمام وخطيب المسجد الحرام الإخوة الفلسطينيين قائلاً: أيها الأخوة الفلسطينيون إن وحدتكم تبقى هي المورد الحقيقي والحضن الحاضن والحصن الحصين بإذن الله تعالى لكم ولشعبكم الغالي وتبقى هي الملاذ الآمن للقضية وطريق النصر المستقيم والقريب بإذن الله. وأضاف أن الحصار والمجازر والدماء المراقة والموت للضمير العالمي والصمت المطبق من المجتمع الدولي، تشير إلى أن جريمة غزة جريمة كاملة في أدواتها ووسائلها وخططها وتنفيذها. وقال د.ابن حميد :إن هذا الصمت المخزي اختطلت فيه المبادئ بالنفوذ والحق بالجور فلا حول ولا قوة إلا بالله. مضيفاً أن هذا العدوان الشرس الذي استهدف النساء والأطفال والشيوخ ودمر المستشفيات والمساجد والجامعات في سلوك ينشر الدمار والخراب ويستبيح كل المحرمات وتجاوز كل المحظورات ويستعمل كل الممنوعات. وأكد أن المجازر امتداد لمجازر يهود الممتدة منذ مجزرة عصاباتهم في دير ياسين وصبرا وشاتيلا وقانا. ولن تكون نتائجها سوى المزيد من العنف والتطرف والابتعاد عن السلام الحقيقي ووسائله وسبله. وأشار إلى أن هذا السلوك الإجرامي لن يحقق سلاماً ولن يجلب أمناً كما أنه لن يطمس حقاً ولن يقضي على مظلوم ولن يسبب للظالم إلا البطش الذي لا ينال من ثبات.وأكد إمام وخطيب المسجد الحرام بأن شعب فلسطين شعبٌ عزيز وعظيم ومجاهد ويعيش حياة الظلم والقهر من ستين سنة ثم يخنق ويجوع ويحاصر ويحرم من كل أسباب الحياة إلا من الهواء وربما لوثوا الهواء ثم يأتي من يلوم المظلوم ويسكت عن الظالم. وأشار إلى أن صوت العقل هو الذي يواجه الأزمة ويحيط بأبعادها وصوت الحكمة هو الذي يحفظ للأمة وحدتها ويقدر الأمور قدرها موضحاً أن استثمار هذه البلاد واستيعاب درس المحنة على الرغم من آلامها وأوجاعها يعود لجمع شمل الأمة واجتماع الكلمة هو المنهج الحق. وطالب أمة الإسلام التحرك المبارك لرفع المحن فيجب أن تسمع من المسلمين والقادة وأصحاب الرأي فيجب أن تسمع بقوة وأن يتعامل المجتمع الدولي في هيئته ومجلسه مع قضايانا بجدية ومسؤولية وعدالة وإلا فإن المسلمين سوف يعيدون النظر بكل التزاماتهم أو بأي التزامات ويقررون الخيارات حسب ما يمليه الحق وتتطلبه المصالح المشروعة وقضاياهم المظلومة. وفي المدينةالمنورة انتقد إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ حسين آل الشيخ في خطبة الجمعة أمس وسائل الإعلام المتخاذلة التي تبث اليأس في صفوف الأمة واصفا إياها بخادمة أعداء الإسلام الجارية وراء الشيطان، كما حذر من الانخداع بالشعارات البراقة والادعاءات المزخرفة التي تزعم أنها تخدم الإسلام، وهي للدين لا تنصر، وللعدو لا تكسر، مؤكدا أنه أمام الحقائق تتلاشى المظاهر وتزول، فالأمور مرهونة بحقائقها وجوهرها لا بشكلها ومظهرها. وقال: تمر بالمسلمين محنة عظمى وبلية كبرى ألا وهي عدوان الصهاينة الحاقدين على أهلنا في غزة الحبيبة عدوان جمع الإجرام بشتى صوره، والفساد بجميع أشكاله، مما لا يصف بشاعته لسان، ولا يحيط بفظاعته بيان.وأضاف أنه منذ فترة (الاستخراب) المسمى زورا وبهتان (الاستعمار) والأعداء يتكالبون على أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فجزؤوا أوطاننا، وخربوا ديارنا، وسلبوا ثرواتنا، واحتلوا مسرى نبينا، في تآمر لا ينقطع، وأحقاد لا تنقضي، يسعون لتدمير الأمة الإسلامية، وسلخها من هويتها وعقيدتها. ووجه إمام وخطيب المسجد النبوي رسائل من منبر الحرم النبوي إلى حكام المسلمين وعلمائهم ومثقفيهم وشعوبهم ومجتمعاتهم أكد من خلالها أن مصدر العزة والتمكين وموطن السلامة والنجاة يكمن في تحقيق الإيمان بالله والطاعة الكاملة لله ورسوله، وكل مكلف في الأمة مسؤول عن أحوال أمته وهو على ثغرة من ثغورها فالجهاد كما يكون بالنفس يكون بالقلم وبالمال والدعاء، وعلى الأمة جميعا الحذر من المعاصي كلها، ومكائد الكافرين وموالاتهم ومحبتهم، والحذر من الشعارات القومية الزائفة والحزبيات المقيتة لأنها أخطر شيء على الأمة فالرابطة الحقيقة يجب أن تكون كلمة التوحيد ومضامين السنة الصحيحة مستشهدا ببعض النكبات على مر التاريخ، مشددا على أهمية شحذ الهمم وبعث العزائم في النفوس والقلوب، حاملا على وسائل الإعلام التي تبث التخذيل في الأمة وتدخل اليأس على أبنائها واصفا إياها بخادمة أعداء الإسلام الجارية وراء الشيطان.وأضاف الشيخ حسين: يجب على الأمة جمعاء الالتفاف حول العلماء الراسخين في العلم، مؤكدا أن العزة لا تنال إلا من الله العزيز الحكيم ومن ظن أنها تنال بالارتماء بأحضان الكافرين فحاله كحال المنافقين. وأضاف: يجب على الأمة أن تأخذ بالأسباب فلا ترضى بالخمول والدون والله عز وجل يقول: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم)، إنه الإعداد الشامل المادي والمعنوي والعلمي والنظري والعسكري والسياسي والإعلامي، فذلك أمر واجب وفرض على المسلمين حكاما ومحكومين. وخاطب آل الشيخ أهل غزة قائلا: إخوة الإسلام في غزة اصبروا واثبتوا والهجوا بذكر الله جل وعلا، وتمسكوا بطاعته. وأضاف: طوائف اليهود مهما بلغت وحشيتهم فالله جل وعلا غالب على أمره، ووعده حق لا يخلف، فاعلموا أن من سنن الله المدافعة بين الحق وأهله، والباطل وحزبه، والشر يجمح إلى العدوان، ولكن الله يقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق.