إنه اليوم الأول والرئيس الراحل رفيق الحريري تحت التراب. لكن اللبنانيين بطوائفهم كلّها لم يتركوه وحيدا. إذ تقاطروا بالمئات ليلقوا على ضريحه نظرة وداع. بعضهم كان يقرأ الفاتحة، آخرون اختاروا الجلوس لساعات قرب الضريح حاملين بين أيديهم المصحف الكريم يتلون الآيات الكريمة على روحه، والبعض الآخر حمل إنجيله ومسبحته وركع يبكي ويصلي بصمت. المصرع المرعب «الذي لا وصف له» كما قال بالأمس الرئيس الفرنسي جاك شيراك، حوّل الرئيس الحريري رمزا تاريخيا وبطلا شعبيا بامتياز. نادرا ما استطاع قائد مسلم أو مسيحي من أن يجمع حوله طوائف لبنان حول شخصه باستثناء قلّة نذكر منها الرئيس الراحل رياض الصلح. الميتة التراجيدية للرئيس رفيق الحريري أحالته بطلا ورمزا لوحدة لبنان، ووحدت التيارات السياسية الأكثر تضادّا. بالأمس لم يخل الضريح في باحة مسجد محمد الأمين من اللبنانيين ينثرون الورود، ويضيئون الشموع، ويلمسون الصور، لا تعزية لهم سوى الغصات والعبرات السخية. اليوم الأول ومالئ الدّنيا وشاغل الناس تحت التراب، لكن عسى ان يكون موته انبعاثا للبنان السيد الحر المستقل والمتين البنية الإقتصادية والمالية كما حلم دوما شهيد لبنان الغالي.