لقد استطاع عقل الإنسان معرفة وكشف حجم جزء من المليار من المتر ثم تطويع هذا الحجم متناهي الصغر للاستخدامات الطبية وكشف الأمراض المستعصية التي تفتك بالبشر فكيف بذات العقل أن يُصدّق خرافات يُحاول بعض المؤدلجين زرعها في عقول السذّج لتحقيق أهداف خبيثة مثل دفع الصغار إلى أتون الموت بدعوى الاستشهاد للعبور مباشرة الى الجنّة ومعانقة الحور العين ليس هذا فحسب بل تحقيق كرامات لا تُعطى إلاّ للمجاهدين فجثثهم لاتتعفّن بل تفوح منها روائح المسك ويسطع منها نور أخّاذ يصلهم بالسماء وقبل هذا وذاك سوف يُمدون بقوى خفيّة خارقة فيستطيعون تبعاً لذلك تحقيق معجزات تتفوق على أعتى الأسلحة الفتّاكة فيُمكن لحفنة من تراب ينثرها المجاهد أن تحرق دبّابة بطواقمها (والله إني سمعتها شخصيّاً من أحد وعّاظ الصحوة ايام احتلال الكويت) وغيرها من الخرافات التي تُلهب حماس الصغار فيصدقونها ويهرعون من فورهم إلى أماكن الصراعات فيعودون لأهاليهم داخل توابيت أشلاء ممزقة يعلوها التعفّن دون كرامات تُذكر..! يُمكن تصديق تلك الخرافات في الماضي وقت سيادة الجهل أما في عصرنا الحاضر عصر العلوم والمخترعات المُذهلة فهو العجب بعينه، مع أن المُسلم العاقل الواعي يعرف بأن الكرامات والمُعجزات تُعطى لصفوة الأنبياء والرُسل. تورِد الكاتبة الشهيرة إيزابيل الليندي في روايتها الملحميّة (إنيس ... حبيبة روحي) قصّة تُلمّح فيها إلى حدوث كرامات وقت إخضاع تشيلي للسيادة الاسبانيّة في حدود عام 1550م أي في القرن السادس عشر فتقول "لقد أكّد من كانوا حاضرين أن المُعجزة كانت مرئيّة للجميع فقد ظهر شكل ملائكي، متلألئ كالبرق، وانحدر فوق الميدان مُضيئاً النهار..! بنورٍ خارق، البعض اعتقدوا أنهم تعرّفوا على الحواريّ سنتياغو بشخصهِ ممتطياً فرساً أبيضَ وواجه المتوحشين ووجه إليهم عِظة بليغة أمرهم بالاستسلام" انتهى الاقتباس. إذاً فادّعاء الكرامات والمعجزات موجود في مُعظم الأيديولوجيات، وكل هذا من أجل حشد أتباع يحققون أهدافاً قد تكون غير مُعلنة في غالب الأحوال لكنها تُغلّف دائماً بوعود برّاقة تخلب الألباب، فما أجمل العقل الناقد الحذر المترويّ.