يعني مصطلح الإعاقة عدم قدرة الفرد على اكتساب الطاقات الكاملة لإنجاز المهام أو الوظائف التي تعتبر طبيعية لأي شخص مما يؤدي إلى انخفاض في قدرته على أداء دوره الاجتماعي نتيجة لهذه الإعاقة، ولكن الأشخاص الأفذاذ يقومون بالتغلب على الإعاقة والقيام بدورهم الطبيعي في الحياة.وفي واحدة من التجارب الرائعة التي تحمل في طياتها الكثير من المعاني السامية والنبيلة استطاع الموظف المعوق بشركة الاتصالات السعودية محمد ناصر العمري من تجاوز الإعاقة بالعمل الجاد وتحقيق الذات بالنجاح في عمله. وفي حديث ل «الرياض» أعرب الموظف العمري عن شكره وتقديره لشركة الاتصالات السعودية التي منحته أولاً وظيفة رغم إعاقته في يده، وثانياً لقيامها بعلاجه بتركيب يد اصطناعية له تساعده في أداء العمل ومواصلة مسيرة العطاء عندما تكفلت الشركة بجميع تكاليف علاجه بزراعة طرف اصطناعي ليده اليسرى التي قضى الله بعدم وجود أصابع بها وكف ضعيف جداً مع نحول في بنية الذراع الأيسر منذ ولادته . وتناول العمري في حديثه اهتمام الاتصالات السعودية بالنواحي الإنسانية والاجتماعية وتجربته مع الإعاقة وتميّزه في العمل ونظرة العملاء له أثناء أدائه واجبه الوظيفي وغيرها من الموضوعات التي كشف عنها ولأول مرة في الحوار. تجربتك مع الإعاقة تستحق الوقوف عندها لأخذ الدروس والعبر.. ما دافعك للنجاح والتميز رغم العوائق؟ - لاشئ يدفعني غير أني أشعر بكينونتي كإنسان مستقل يجب أن يعتمد على نفسه بعد الله سبحانه وتعالى، ولذلك انطلقت في العمل رغم الإعاقة بكل جد واجتهاد من أجل تحقيق الذات والاعتماد على النفس في الكسب الحلال والمساهمة في بناء الوطن، نحن جميعاً في المسئولية سواء، ولا أعتبر أن ما يعتبره الغير إعاقة بالنسبة لي أنه إعاقة فعلاً، قد يكون هناك إعاقات حقيقية وهي ليست جسدية، وإنما إعاقة فكرية تجعل من الإنسان السوي مشلولاً لا يستطيع الحراك والإنتاج، هذه هي الإعاقة الحقيقية والخطيرة جداً ويفترض أن يكون صاحبها من ذوي الاحتياجات الخاصة يؤخذ بيده حتى يتجاوز هذه الآفة المهلكة. وحقيقة أنا لا أعتبر النتائج التي حققتها متميزة كما صورتها أخي الكريم، بل من المفترض أن تكون نتائج أي عمل كذلك، بمعنى أنه يجب أن نحقق العمل المناط بنا على أكمل وجه وأن نجتهد في النجاح حتى نحس فعلاً بمتعة العمل والحياة. كيف تنظر إلى مستقبل حياتك بعد عملية تركيب الطرف الاصطناعي؟ - لاشك أن الطرف الصناعي أضاف لي الكثير على مستوى حياتي العملية والاجتماعية بالإضافة إلى أنني انظر إليه من زاوية أخري هي اهتمام شركتي التي أعمل بها (شركة الاتصالات السعودية) في الاهتمام بالجانب الإنساني الذي تجسد بصورة واضحة في وقفتها المشرفة معي وعندها أدركت تماماً حجم المبالغ التي تنفقها الشركة في الجانب الاجتماعي في كافة أنحاء الوطن إنطلاقاً من دورها الرائد في المسؤولية الاجتماعية والمشاركة في بناء المجتمع ودعم مؤسساته الاجتماعية والإنسانية. وحقيقة أنني تفاجأت بخبر تبني شركة الاتصالات السعودية علاجي بمنحة مفتوحة، سواء كانت داخلية أو خارجية، فحققت طموحي وأحلامي، ليس في منحي فرصة العمل فحسب بل أيضاً علاجي وفوق ذلك مزاولة هوايتي الفنية في إلحاقي ببرنامج (فرصة لا تعوض) والذي يهدف إلى تحويل الموظفين الإداريين بالشركة إلى فنيين وقد نجحت في هذا البرنامج رغم الإعاقة وأصبحت الآن موظفاً فنياً. ما أهمية تبني القطاع الخاص والشركات لذوي الاحتياجات الخاصة من خلال تجربتك مع الاتصالات السعودية؟ - اعتقد أن تبني مسؤولي القطاع الخاص والشركات بالمملكة لحاجات إخوتهم من ذوي الاحتياجات الخاصة شئ مهم ومؤثر، وله دور إيجابي وهادف وبناء في تغيير الكثير من أوضاع المعوقين، لان العامل النفسي يختلف من شخص إلى آخر، ومثل هذه الرعاية تشعر المعوق بأنه حاضر في أذاهن إخوانه الأصحاء، وأن له منزلة ويحظى باهتمام،وهذه إشارة ايجابية تعطي دافعاً قوياً لذوي الاحتياجات الخاصة في العمل والمشاركة. واعتبر تجربتي نموذجاً رائعاً لمثل هذا الاهتمام الذي جسدته شركة الاتصالات السعودية مما دفعني إلى العمل بكل قوة من أجل غدٍ واعد وحياة أسهل. ما أول عمل قمت به بعد تركيب الطرف الصناعي؟ - أولا حمدت الله كثيراً على تركيب الطرف الصناعي ثم توجهت إلى الرياض لأقدم الشكر والتقدير لمسؤولي شركة الاتصالات السعودية وفي مقدمتهم سعادة الرئيس المهندس سعود بن ماجد الدويش وسعادة نائب الرئيس لخدمات القطاع السكني المهندس سعد بن ظافر القحطاني لوقوفهم جميعا معي حتى تمت عملية تركيب الطرف الصناعي وقد غمرتني في تلك اللحظة فرحة لا توصف لأنني أحمل باقة ورد باليد اليمنى وحقيبة العمل باليد اليسرى (الطرف الصناعي). ثم توجهت إلى مدينتي مدينة جدة وكانت عائلتي في استقبالي بالمطار واصطحبتهم إلى حيث أعدوا لي مناسبة الفرحة بسلامة الوصول، وفي اليوم التالي توجهت لعملي وباشرته كما كنت أفعل وكلي سعادة ومسرّة. كيف ترى وضعك الآن مع العملاء بعد تركيب الطرف الاصطناعي، وما مدى قناعتهم في الخدمة التي تقدمها لهم؟ - وضعي الآن بالنسبة لنظرة العملاء هم يرون منذ الوهلة الأولى الطرف الاصطناعي وعندها تبدو قناعتهم ضعيفة فيما سأقدمه لهم، ولكن سرعان ما يزول ذلك بعد الانتهاء من العمل وصيانة الخط وتسليمه للعميل تتغيّر نظرته لي كليّا، والبعض منهم يصارحني بأنه فاقد الأمل في إصلاح الأعطال ولكن حينما يستلم خطه سليماً ويعمل بصورة ممتازة يتغيّر رأيه تماماً ويشكرني، ويؤكد لي أن الخلل ليس في الطرف المفقود، ولكنه يكمن في مدى إتقان المهني مهنته، وقد كوّنت علاقات جيدة مع العملاء من خلال عملي والتواصل بصورة مباشرة معهم. لو قدّر لك فرصة عمل أخرى بعد تركيب الطرف الاصطناعي، أين ستتجه؟ - سأتجه بكل تأكيد إلى شركة الاتصالات السعودية، فهي الشركة التي آوتني قبل تركيب الطرف الاصطناعي وبعده وهي الأجدر بتضحياتي وإخلاصي لها في العمل لأنها الشركة التي وضعت المسئولية الاجتماعية ضمن أولويات أعمالها ولذلك أنا فخور بأن أكون ضمن كوادرها فهي صانعة الوفاء بكافة أشكاله وصوره (وفاء تعليمي، وفاء صحي، وفاء اجتماعي) ولها بصمة خير وبناء في المجتمع واضحة أمام الجميع. المهندس القحطاني يعرب عن إعجابه بالموظف المعوق ويؤكد اهتمام الاتصالات السعودية بدعم ذوي الاحتياجات الخاصة وفي تعليق له على قصة نجاح الموظف محمد العمري أعرب سعادة المهندس سعد بن ظافر القحطاني نائب رئيس شركة الاتصالات السعودية لخدمات القطاع السكني عن إعجابه الشديد بطموح وإصرار الموظف العمري على تطوير ذاته وتحدي الإعاقة مما شجع المسؤولين بالشركة على مساعدته وإتاحة الفرصة له لمواصلة مسيرة العطاء. وقال القحطاني إن موافقة سعادة رئيس الشركة على تركيب الطرف الصناعي للموظف بقيمة مفتوحة يؤكد اهتمام الشركة بكافة موظفيها ويجسد دورها الإنساني الرائد في خدمة ذوي الاحتياجات الخاصة ومساهمتها الفاعلة في تأهيل أصحاب الإعاقات المختلفة ومساعدتهم في التغلب عليها للاستمرار في العطاء والإبداع إنطلاقاً من دورها الوطني الرائد في خدمة المجتمع ودعم وتشجيع هذه الفئة الغالية من أبناء الوطن للانخراط في سوق العمل. وكان معالي رئيس هيئة حقوق الإنسان بالمملكة الأستاذ تركي بن خالد السديري قد وجه خطاب شكر وتقدير لسعادة رئيس شركة الاتصالات السعودية على خلفية مبادرة الشركة بدعم الموظف العمري وعلاجه بتركيب يد اصطناعية له تساعده في أداء عمله، مشيداً معاليه بالدور الإنساني البارز للشركة في توظف ودعم ذوي الاحتياجات الخاصة ومساعدتهم بإتاحة الفرصة لهم لخدمة وطنهم الغالي.