حتى وقت قريب كان علماء المصريات يعتقدون ان تمثال أبو الهول بني في وقت واحد مع المعابد المحيطة به في عصر الأسرة الرابعة. أما اليوم فهناك ما يثير الريبة والشك في هذا الاعتقاد. ففي حين ما تزال المقابر والمعابد المحيطة به تحتفظ برسوماتها الزاهية تعاني قاعدة أبو الهول من وجود أخاديد وشقوق يصل عمقها إلى ثمانية أقدام. وهذا ان دل على شيء فعلى ان أبو الهول (الغامض في هدفه وتاريخه) كان موجوداً قبل بناء اهرامات ومعابد الجيزة بوقت طويل!! وكانت الدراسات قد كشفت ان نواة التمثال تتكون من حجر جيري بالغ القدم والتآكل في حين أضيفت فوقها طبقة الجرانيت الخارجية فوقها قبل 4600سنة فقط (أي في عصر بناة الاهرامات).. وهذا يعني ان أساس التمثال بني في عهد حضارة قديمة غير معروفة سبقت عهد الفراعنة بكثير لدرجة احتمال فقد الصلة بها تماماً!! أضف لهذا أنه من بين جميع الآثار المصرية يبقى الهدف من بناء تمثال أبو الهول غامضاً وغير مفهوم، فمعظم الآثار والشواهد الفرعونية كان وراءها هدف ديني أو معتقد فلكلوري إلاّ أبو الهول لم يعرف الهدف من إنشائه حتى الآن.. وحتى وقت قريب كان الاعتقاد السائد هو ان أبو الهول بني بأمر من الفرعون خفرع من الأسرة الرابعة لمجرد وجود شبه بسيط بين وجه التمثال ووجه خفرع (الذي يرى البعض أنه أمر فقط بإضافة الوجه على هيئته)!! ومن المعروف ان التمثال نحت كجسم أسد ووجه رجل من جبل جيري يزداد صلابة كلما صعدنا إلى الأعلى (وهو ما يفسر لماذا تآكل التمثال في أسفله في حين بقي وجهه متماسكاً). غير ان هناك سبباً آخر قد يشرح لماذا تآكل التمثال وظهرت أخاديد طولية في أسفله دون أعلاه، فمن خلال دراسات الأستاذ شوتس (من جامعة بوسطن) وجون ويست (المتخصص في علوم المصريات) اتضح ان الأخاديد والشقوق السفلية حدثت بسبب تآكل مائي سببته أمطار غزيرة وسيول جارفة.. وإذا علمنا ان مصر تعتبر (حتى أيام الفراعنة) من أكثر مناطق العالم شحا بالأمطار فهذا يعني ان التمثال كان موجوداً في فترة كانت فيها الأمطار تهطل بغزارة الأمر الذي يعود بنا إلى العصر الجليدي الأخير قبل عشرة آلاف عام على الأقل!! وحين ظهر هذا الرأي لأول مرة (عام 1993م من خلال برنامج في محطة NBC) جوبه بمعارضة شديدة من قبل علماء المصريات.. ولكنه اليوم يلقى قبولاً متزايداً كونه الوحيد الذي يفسر المفارقات التاريخية والعوامل الجيولوجية التي أثرت على التمثال.. أضف لهذا ان مخطوطات البردي القديمة - التي تعود لزمن خفرع - قد أشارت صراحة إلى ان الرمال غطت أبو الهول قروناً طويلة حتى نسيته الأجيال تماماً. وذات يوم حلم الملك برجل حكيم يطلب منه الحفر في مكان معين كي يخرج التمثال من قبره. وقد نفذ الفرعون هذا الطلب وأمر باخراج التمثال إلى الوجود. وكان هذا الحلم وحده (الذي اعتبر مقدساً في حينه) كافياً للاهتمام بالتمثال وتغليفه بطبقة الجرانيت الخارجية!! وإذا جمعنا ما جاء في هذه المخطوطة مع الآراء الجيولوجية الأخيرة يصبح من المحتمل بناء أبو الهول من قبل حضارة مجهولة سبقت الحضارة الفرعونية بستة آلاف عام على الأقل.. وأمر كهذا قد يعيد النظر في تاريخ الإنسان نفسه ويغير العديد من المفاهيم السائدة حول تواريخ ومستوى الحضارات القديمة.