في ضوء الحاجة الملحة إلى وحدات الإسكان في المملكة العربية السعودية فأن المشهد يبدو مثيراً للتفاؤل بالنسبة إلى الشركات العاملة في القطاع العقاري والقطاعات الأخرى ذات الصلة، حيث يتوقع أن ترتفع مبيعات العقارات السكنية والتجارية خلال الأعوام المقبلة وان يتم سن قانون خاص بالرهن العقاري وتوجه الحكومة للاستثمار في المجالات الاقتصادية والصناعية. وتوضح تقارير عقارية أن القطاع العقاري في المملكة يحتاج إلى ضخ ما يزيد عن 675 مليار ريال من الاستثمارات لسد الطلب المتوقع على وحدات الإسكان بحلول 2015، فيما تحتاج المملكة إلى 2.9 مليون وحدة إسكان خلال 20 سنة مقبلة، ويقدر من يملكون منازل بنحو 30%، بينما بقي 70% من المواطنين مستأجرين أو ساكنين مع آبائهم مقارنة بعدد المواطنين الإجمالي والمقدر ب 17 مليون نسمة، بينما قدرت أعداد المساكن التي يجب إعادة بنائها في الفترة نفسها بنحو 1.1 مليون وحدة سكنية. توصل التقرير الصادر عن بنك الاستثمار المحلي «أن سي بي كابيتال» إلى أن الزيادة الحاصلة في نسبة سكان السعودية الذين يقع 70% منهم ضمن الفئة التي تقل أعمارهم عن 30 عاماً، تخلق مشكلة إسكان «خطيرة» للمملكة.وسيلزم استثمار مبالغ تتجاوز 680 مليار ريال (181.3 مليار دولار) من أجل الإيفاء بذلك الطلب. ويتطلب استثمار 600 مليار ريال في مكةالمكرمةوالرياضوالمدينةالمنورة والمنطقة الشرقية. وعلى الرغم من اشتداد المنافسة في قطاع البناء والعقارات في السعودية والذي وصل إلى مراحل متقدمة مما يعتبر نقطة تحول لانتعاش السوق العقاري منذ نحو 20 عاماً في ضخ رؤوس أموال في قطاع بناء المساكن وطرح منتجات جديدة من الوحدات العقارية. إلا أن السوق لا يزال يحتاج إلى المزيد من توفير وحدات سكنية مختلفة لتغطية الطلب المتزايد وبشكل كبير على المساكن في السعودية وبالتحديد في المدن الرئيسية العاصمة الرياض والمنطقة الشرقية ومدينة جدة، التي في الغالب تكون هي المقياس الحقيقي لعوامل الطلب والعرض في البلاد بشكل عام. وتعتبر مبادرة أمانة منطقة الرياض في التطوير الشامل أكبر واهم مبادرة حكومية نجحت في تجاوز الروتين والبيروقراطية الحكومية كي تتولى شركات تطوير عقاري كبرى، إقامة مشاريع سكنية كبرى، تضم وحدات سكنية مختلفة المساحات، والتكوين، مع كامل الخدمات، ووسائل الترفيه والتسلية، بهدف أقامة وحدات سكنية جاهزة، ضمن بيئة سكنية متكاملة الخدمات والمرافق، عدم تعرضه لتقلبات الأسعار، ومشكلة المقاولات، وغش بعض الموردين، فضلا عن الوقت الذي يهدره المستفيد في متابعة البناء، والبحث عن أفضل المواد، وفي النهاية سوف يحص على منتج سكني ذي تكلفة عالية، وجودة منخفضة، في حي جديد غير مكتمل البناء وغير مكتمل الخدمات، وهذا الأمر هو الذي يجعل المساكن في السعودية ذات أسعار متناقصة مع الوقت، في حين أن المساكن في جميع دول العالم متعاظمة القيمة. وساهم الطلب المتزايد على المساكن في إنعاش مبيعات مواد البناء الأمر الذي أدى إلى تحرك الأنشطة العقارية في البلاد، وتنشيط قطاع المقاولات، والتي ينتظر ضخ 15 مليار ريال خلال الخمس سنوات المقبلة في بناء المساكن والوحدات العقارية المخصصة للإسكان. وبدأت شركات المقاولات بالتركيز في سوق البناء الخاص، وخاصة بما يتعلق بشريحة الدخل المتوسط التي تتطلب مساكن بمساحات تراوح بين 300 و900 متر مربع، وتراوح الأسعار بين 600 ألف ريال ومليون ريال، الأمر الذي افرز عوامل مختلفة لتوازن تلك العملية كطرح برامج تمويل مختلفة ومتعددة الفائدة من قبل البنوك وشركات التقسيط، وحتى شركات التطوير العقاري التي بدأت في تمويل من يرغب شراء مساكن في مشاريعها، مما أدى إلى خلق جو تنافسي جديد في عملية التمويل للفوز بأكبر شريحة من الأفراد الراغبين بشراء وحدات سكنية، وأشار عقاريون إلى أهمية وجود تعاون بين الشركات المطورة والجهات المختصة من باب الشراكات والتنسيق فيما بينها لطرح برامج تمويلية من شأنها تخفيض مدة التقسيط والدفعات، لافتين إلى أن احد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى ازدياد الطلب على تملك الوحدات العقارية هو ارتفاع الإيجارات الأخير غير المبرر في عدد من المدن السعودية. ويتطلب طرح مشاريع عقارية وقتاً طويلاً ولكن في ظل توجه العديد من الشركات للعمل على تطوير مشاريع إسكانية وتوفير شركات أخرى لبرامج مختلفة للتمويل سيساعد على تغطية الطلب المتزايد على قطاع الإسكان خلال الفترة المقبلة، في حين عمل الكثير من ملاك المساكن القديمة على تجديد مساكنهم لإعادة طرحها للتأجير من جديد بعدما غادرها الكثير نظراً لعدم تجديدها من قبل الملاك، وتواجدها داخل المدن، الأمر الذي لا يفضله الكثير من المستأجرين. فيما ترتبط عملية التغير التلقائي في أنماط العمران السكني في السعودية وظهور وانتشار أنماط عمرانية جديدة مغايرة عما هو سائد بمدى قدرة النمط السائد على التطور والتحسن لمواجهة الطلب المتنامي والمتسارع على السكن، فالمباني التقليدية - مع ما تتميز به من الملاءمة مع البيئة الطبيعية والاجتماعية المحلية - لم تتطور بدرجة تجعلها مواكبة للتغيرات الاجتماعية وقادرة على تلبية الطلب المتزايد على الإسكان. وتوجد حاجة ماسة لتطوير القوانين المنظمة للبناء بما يجعلها قادرة على الوصول إلى نوعيات من المساكن العصرية التي تناسب متطلبات الأسرة وتعكس في الوقت نفسه الهوية المحلية التي تتناسب مع متطلبات المجتمع وطموحاته وتساهم في إثراء تراثها العمراني وتستفيد من الخبرة المهنية المتراكمة عبر الأجيال. ويتوقع زيادة الإقبال العقاري في جميع أنحاء العاصمة السعودية الرياض سواء على الوحدات التجارية أو السكنية بسبب الخروج من سوق الأسهم، ووجود سيولة كبيرة وتوافر الخدمات في المخططات، وللخروج من ذلك يجب استقطاب استثمارات كبرى للدخول في هذا المجال وتأسيس كيانات ضخمة للوفاء بالتزامات السوق واحتياجات المستهلكين. ويحتاج السوق العقاري المحلي إلى تحرير البيئة الاستثمارية قولاً وفعلاً والانفتاح على الاستثمارات العالمية واستقطابها وخلق الفرص الحقيقية الجاذبة لرؤوس الأموال المحلية والعالمية لتطوير مشاريع عقارية محلية عملاقة تعود بالنفع على الوطن والمواطن، وذلك بتسهيل وسائل تدفق السيولة النقدية إلى الاستثمارات العقارية بسلاسة آمنه عبر توريق الأصول العقارية غير المنقولة وتحويلها إلى أسهم عقارية متساوية القيمة وقابلة للتداول والمتاجرة بأسعار مناسبة، الأمر الذي يساعد على استقطاب الاستثمارات المحلية والعالمية إلى السوق العقاري المحلي وينقل الاستثمارات العقارية من المحلية إلى صناعة عقارية عالمية، وتوفير قنوات استثمارية عقارية آمنة تستوعب رؤوس أموال صغار المستثمرين، إضافة إلى توفير وعاء مالي كبير يوفر السيولة اللازمة للمشاريع العقارية المدرجة وتمكين المواطنين من تملك مسكن مناسب بسعر التكلفة. وكان القطاع العقاري السعودي قد حقق نمواً في رأس المال الثابت تجاوزت نسبته 40 في المائة بين عامي 2000 و2005 وارتفع قطاع العقار والتشييد في الناتج المحلي الإجمالي السعودي من 41.7 مليار ريال في عام 2000 إلى أكثر من 54.5 مليار ريال العام الماضي. ويتم تداول ما يقرب من 200 مليار ريال سنوياً في السوق العقارية، إضافة إلى التطور الذي شهده القطاع العقاري خلال الأعوام الخمسة الماضية. وتشير التقارير إلى أن شركات ومجموعات سعودية وعالمية بدأت تتلمس النمو والمحفزات التي تشهدها سوق العقار السعودية واتخذت خطوات إيجابية في سبيل إقامة مشاريع عقارية عملاقة، وقدرت جملة مشاريع العقارية التي يعمل القطاع الخاص السعودي على تنفيذها بأكثر من 400 مليار ريال تشمل المدن الاقتصادية الأربع التي تم الإعلان عنها حتى الآن (مدينة الملك عبدالله الاقتصادية في رابغ إعمار)، (مدينة الأمير عبدالعزيز بن مساعد الاقتصادية في حائل)، (مدينة المعرفة الاقتصادية في المدينةالمنورة صافولا)، (مدينة جازان الاقتصادية في جازان مجموعة بن لادن السعودية إم إم سي الماليزية)، إضافة إلى المشاريع الكبيرة التي أعلنها مطورون أمثال شركة إيوان العالمية للاسكان، وشركة دار الأركان، والشركة الأولى، وشركة صافولا. وتنفذ شركة مكة للإنشاء والتعمير ومجموعة من المستثمرين السعوديين أحد أكبر المشاريع السكنية والتجارية لحجاج بيت الله الحرام والمعتمرين وهو مشروع جبل عمر الذي ينتظر أن يستثمر فيه ما يزيد على 12 مليار ريال، إضافة إلى مشروع الشامية الذي سيكون أحد أكبر المشاريع العقارية في المنطقة المركزية حول المسجد الحرام ومشروع جبل خندمة ومشروع أجياد. وتعتبر قضية الإسكان في السعودية من أكثر القضايا التي تشغل المجتمع عموما مع وجود انخفاض في العرض وزيادة في الطلب على الوحدات السكنية والنمو السكاني المتزايد في هذه البلاد. كما أن الشركات العقارية العاملة في هذا المجال تحتاج إلى تنظيمات وتشريعات لتسهيل أعمال التمويل والرهن العقاري وغيرها من التنظيمات التي تكفل ضخ المزيد من الاستثمارات المحفزة للمستثمرين. وكانت غرفة التجارة والصناعة في جدة قد قدرت حاجة السعودية إلى بناء مليون وحدة سكنية في غضون السنوات الخمس المقبلة لتأمين نحو خمسة ملايين نسمة وذلك بمساعدة الجهات الحكومية على جانب المنظمات الوطنية والخيرية وتقوم وزارة الشؤون الاجتماعية وبعض الجهات الخيرية ببناء نحو 35 ألف وحدة سكنية في مختلف مناطق المملكة. أما خطة التنمية الثامنة فتشير إلى أن القطاع الخاص سيتولى بناء 875 وحدة سكنية لتغطية جزء من الطلب على الإسكان في مختلف مناطق المملكة. ومن بين هذه الوحدات السكنية ستقام 225 وحدة بمساعدة الحكومة ودعمها وتتطلع الخطة التنموية أيضا إلى تأمين 280 مليون متر مربع من الأراضي السكنية.