في الوقت الذي ينادي فيه الغرب وخصوصاً أوروبا وأمريكا الشمالية بمفهوم حقوق الإنسان والمبادئ الإنسانية فان الغرب ذاته هو من يناقض ذلك حيث يعمل وبشكل واضح في أوروبا الغربية وخصوصاً الدولة التي طالماً دعت للحرية وهي فرنسا نجدها من أكثر الدول الغربية موقفا سلبيا مع حقوق الأقليات لديها. إن الدول الغربيةوفرنسا على وجه الخصوص تعامل القوى المهاجرة وخصوصاً المغاربية كعمال من أجل استخدامها في بناء الاقتصاد الفرنسي لرخص أجرها وتكلفتها وتعامل هذه القوى البشرية على مستوى الدرجة الثانية من الحقوق والامتيازات. ونجد فرنسا والدول الغربية تدعو هذه القوى العربية والإسلامية إلى الاندماج في مجتمعاتهم. فكيف يكون النبذ والمعاملة الدونية من جانب والاندماج من جانب آخر؟ والغرب والفرنسيون على وجه الخصوص يعنون بالاندماج تخلي العربي والمسلم عن تاريخه وإرثه الثقافي والمعرفي والتخلي عن قيمه الدينية واندماجه الديني المسيحي الفرنسي وفرنسا تدعو لذلك وليس فقط للمهاجرين المدنيين بل تدعو ذلك إلى كل من حارب في صفوف الجيش الفرنسي في الهند الصينية أو ضد الاحتلال الألماني لفرنسا في الحرب الأوروبية الثانية فهي تطلب من هؤلاء الذين قدموا حياتهم للوهم الفرنسي أن يتخلوا عن كل شيء لديهم مقابل الاندماج المزعوم. والغرب يعرف أن الاندماج غير ممكن ليس في الماضي أو الآن أو المستقبل ولذلك فإنهم يطالبون بالتعجيز من أجل عدم تقديم أي تنازلات لأي طرف عربي أو إسلامي. على أوروبا أن تعرف وفرنسا على وجه الخصوص أن العالم اليوم لم يعد عالم القرن الماضي وأن على هذه الدول أن تدخل مفهوم العولمة الحقيقية وليس العولمة المنتقاة أو العولمة المفروضة عندما كان لديها القوة لتفرضها أما اليوم فإن على أوروبا أن تلعب لعبة العولمة كمشاركة فيها وليس كقائدة لها.