ليس غريباً أن يشدد خادم الحرمين حفظه الله على حرب الفساد وأن يكرر دعوته على ضرورة التأكد من أن بنود الميزانيات المرصودة صرفت كما يجب فهو ينطلق من مبدأ حماية النزاهة وحرب الفساد. السبب في حرصه - أيده الله - على النزاهة واضح جدا فالفساد كفيل بمصادرة كل نجاح وتبذير كل مُدَّخَر ورفاهية حفنة متنفذة على حساب ملايين البشر. ولعل ما يؤكد أهمية محاربة الفساد على جميع الأصعدة هو ما سأعرضه عن ثلاث دول منتجة للنفط والغاز والبتروكيماويات اثنتين منها أفريقيتين والأخرى من أمريكا الوسطى. وسأتجاوز عن أسماء الدول تلافيا للحرج. @ الدولة الأولى: أفريقية عربية. تنتج من النفط قرابة مليون وسبعمائة ألف برميل يوميا ومخزونها من الغاز يتجاوز 160ترليون قدم مكعب ومن أهم الدول المنتجة للبتروكيماويات.. ولكن أغلبية الشعب فيها تعيش حالة فقر وعدم أمان وتخلف على جميع المستويات. آلاف العوائل من ذلك البلد تفترش الطرق لاتملك قوت يومها. الإنسان لايأمن على نفسه ولا ماله. السبب الرئيس لهذه التعاسة هو الفساد. @ الدولة الثانية: أفريقية مسلمة تنتج أكثر من 2مليون برميل من النفط يوميا ولديها مخزون غاز طبيعي يزيد على 180ترليون قدم مكعب. أغلبية شعبها تعيش تحت خط الفقر وتموت كما تموت الحشرات في محاولات متكررة لثقب أنابيب البترول للحصول على حصتة من خط نقل النفط. إنجاز هذه الدولة أنها تنافس على عرش أكثر الدول فسادا. @ الدولة الثالثة: من دول أمريكا الوسطى تنتج من النفط ثلاثة ملايين برميل يوميا ولديها مخزون غاز طبيعي يتجاوز 65ترليون قدم مكعب. الفساد ينخر مؤسساتها إلى أن أصبحت الجريمة فيها جزءاً من الحياة اليومية. والمواطن عاطل ليس أمامه إلا تجارة المخدرات. ومن الأهمية أن ندرك أنه ليست هناك دولة محصنة ضد الفساد، أمريكا واليابان ودول أوروبا وإسرائيل، ومن باب أولى الدول العربية. ولكن الدول المتقدمة تختلف عن غيرها بأن لديها أنظمة رقابية ومحاسبية مفعلة. ومن هنا تأتي أهمية مناداة خادم الحرمين بتفعيل الرقابة والمحاسبة لأن النوايا الحسنة لاتكفي. الرقابة تأتي في جزء منها من مؤسسات حكومية كديوان المراقبة ومجلس الشورى وفي جزء آخر من مؤسسات المجتمع المدني ومن السلطة الرابعة.