فرق كبير بين تربية الآباء لجيلي وماقبلهم وما بعدهم من أجيال هم الآن رجال في الثلاثينيات والأربعينيات من أعمارهم.. ف (الاولين) كان عقابهم للطفل شديد.. يبدأ بكلمة ابلعها.. وعندما يشتكي الطفل من شيء ما.. كأن يقوم بالركض ويسقط أرضاً وهكذا.. تجد كلمة (ساد) أو أحسن هي الرد الفوري من الكبار على شكوى الطفل.. وهي كلمة تُقال (للتقريع) وإشعار الطفل بأنه على خطأ.. فأين نحن الآن من تلبية رغبات الطفل والتدليل وكلمات التدليع (آمر.. تدلل..) وعن نفسي أقول انني مدين لأبي بتربيته لي (حفظه الله) التربية الأفضل أو الأمثل (في طفولتي) رغم قسوتها آنذاك.. وأُقارنها بتربية جيلنا لأولادهم والتربية الحديثة.. فأجد الفرق الكبير.. ولكنها نوع الحياة والتربية التي نشأ عليها (الاولين) فالأباء كانوا يمارسون علينا قسوة ورثوها من آبآئهم ويرون انها في صالحنا.. وهي تربية لها مالها وعليها ما عليها.. وتختلف بلا شك عن التربية الحديثة التي هي أيضاً لها إيجابيات وسلبيات.. وتربية الأطفال مسؤلية (ومتعة) أليسوا (زينة الحياة الدنيا( و(الضنى غالي) ومن خلال تجربتي مع أطفالي وما يعرفه كل أب وأم فإن الطفل بين ثلاثة شهور إلى السنة الخامسة من عمره هي مايمكن الاستمتاع به (تقبيلاً ومداعبة) بعدها تأتي مرحلة أسميها مرحلة (البثارة)من الخامسة إلى العاشرة أو قبل البلوغ فلا هو صغير تستمتع بمداعبته واحتضانه وشمه وتقبيله.. وتشدك براءته وجمال اكتشافه (بدهشة) للأشياء.. ولا كبير يمكن مصاحبته وبداية الاعتماد عليه.. وأظن ان المصطلح العامي (بثر) قيل أول ماقيل عن الأطفال (أولاد وبنات) في ذلك العمر.. ومن تربوا على القسوة والشدة ومصطلح أو كلمة ابلعها يسبقها أو يعقبها (كف) لا بد انهم كبروا ويندرجون (الآن) تحت فئة من ثلاثة.. إما انه أو انها (بلع) الكف والتحقير (والتشعم كما في المسلسلات الخليجية) وشدة التربية وقسوتها وتجاوز تبعاتها ويعيش الآن سليماً معافى ولا يريد أن يعرض أولاده لنفس التجربة.. أو انه يعيش آثار تلك التربية القاسية إلى الآن.. فكبر(أو كبرت) إنساناً مهزوزاً يعيش الإحباط والإنهزام في كل وقت.. وفئة ثالثة هي الأسوأ لضياعها أو انحرافها.. والشاعر العربي قال قديماً: وينشأ ناشيء الفتيان فينا على ماكان عوده أبوهُ وإلى سوانح قادمة بإذن الله.