ظهر تعبير الفجوة اللغوية في السنوات القليلة الماضية، وهو تعبير عن وجود تخلف بعض اللغات عن بعضها من حيث توثيقها وأساليب تعليمها وعلاقتها بالتطور العلمي والحضاري في القرن العشرين. وتزداد هذه الفجوة اتساعاً بين لغات الدول المتقدمة والدول النامية غير القادرة على مساندة لغاتها من خلال الانترنت. ويقول الدكتور نبيل على الخبير المصري في استراتيجيات المعلومات بأن اللغات الإنسانية تشكل أسرة متكاملة تكمل بعضها البعض، وتنمو من خلال عمليات الترجمة والاقتراض، وأن المحافظة على التنوع اللغوي لا تنطلق من دافع أخلاقي فقط، بل أن كل لغة يمكن أن تسهم في التقدم البشري، وقد صدرت احصائية لمنظمة اليونسكو منذ بضع سنوات تشير إلى الوضع العالمي للغات البشرية التي كانت تصل إلى حوالي ستة آلاف لغة ولهجة، حيث إن نصف هذه اللغات مهددة بالانقراض، ومعدل انقراضها بشكل متسارع حتى وصل هذا المعدل حالياً إلى انقراض لغة إنسانية كل أسبوعين. واللغة العربية كما يقول الدكتور نبيل علي "ليست معرضة للانقراض ولكنها مهددة بسبب تخلف العرب في توثيقها والتنظير لها، فضلاً عن أساليب تعليمها وعلاقتها بالفروع المعرفية الأخرى". ويضيف قائلاً: "إن تخلفنا في مجال اللغة يترتب عليه تخلف في كل شيء من الفنون إلى الفلسفة، حيث إن للغة نسقاً رمزياً نبني عليه أنساق الفنون، كما أن الفلسفة اليوم لا تتعلق بالميتافيزيقا بقدر تركيزها على العلوم التي تشكل اللغة عمادها الرئيس". ولا شك أن الفجوة اللغوية سوف تزداد بين اللغة العربية وسواها من اللغات، إذا لم يكن هناك انتشار للغة العربية في فضاء الانترنت، وقد كان نصيب العرب من إجمالي مستخدمي الانترنت أقل من 1% في حين تبلغ نسبتهم حوالي 4% (أربعة في المئة) أما في الوقت الحالي فإن عدد مستخدمي الانترنت على مستوى العالم يتجاوزون المليار نسمة من أصل 6.5مليارات نسمة هم سكان العالم. وتحتل الولاياتالمتحدة وكندا أعلى نسبة لمستخدمي الانترنت في العالم بالنسبة إلى عدد السكان حيث وصلت إلى حوالي 68%، ثم أوقيانوسيا واستراليا حوالي 53% تليها أوروبا 33%، ثم أمريكا اللاتينية والكاريبي حوالي 9.6%، وتحتل المملكة العربية السعودية المركز الأول بالنسبة للدول العربية حيث وصل عدد المستخدمين إلى حوالي (4.700.000) مستخدم. وتبلغ نسبة مستخدمي شبكة الانترنت في الشرق الأوسط حوالي 19مليون مستخدم أي بنسبة 9.6% من السكان، وحوالي 2.8% بالنسبة إلى مستخدمي الانترنت في العالم، والمؤمل أن يكون استخدام الشبكة العنكبوتية في صالح اللغة العربية من حيث توثيقها وتنظيرها واستخدامها بشكل ينافس اللغات الأخرى ويستفيد منها حتى تصبح اللغة العربية لغة عالمية في مجال التعليم والتجارة الالكترونية، ونشر الثقافة العربية ومجابهة تحديات العولمة... فهل نكون متفائلين في مستقبل لغة القرآن؟!