هناك أغنية شهيرة للملحن المصري سيد مكاوي تقول : " الأرض بتتكلم عربي "، وكنا نضحك ونحن نستمع إلى تلك الأغنية ، لأن كثيراً من المواقف والتعابير ولغة التدريس في الجامعات .... إلخ تغزوها كثير من المصطلحات باللغات الأخرى وخاصة اللغة الإنجليزية ، مما يجعل اللغة العربية لغة ضعيفة إزاء اللغات الأخرى ... بل ان اللغة الإنجليزية حلت محل اللغة العربية كلغة أساسية للتدريس في بعض الكليات والجامعات في كثير من البلاد العربية. ولكنّ تقريراً للأمم المتحدة أظهر أن اللغة العربية لازالت من أهم اللغات في العالم، وأن مقولة : " الأرض بتتكلم عربي " ليست من قبيل المبالغة!! ويُظهر التقرير أن حوالي 50 % من سكان الأرض يتكلمون 8 لغات فقط من أصل حوالي 6آلاف لغة تستخدم حالياً ، وأن اللغة العربية تتفوق على اللغتين الفرنسية والبرتغالية في عدد المتكلمين بها . وذكر التقرير الصادر عن مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية أن هذه اللغات الرئيسية حسب ترتيب انتشارها في العالم هي : الصينية والإنجليزية والهندية والأسبانية والروسية والعربية والبرتغالية والفرنسية . وفي مقابل هذه اللغات الرئيسية في العالم ، هناك حوالي ثلاثة آلاف لغة ( 3000 لغة ) ستختفي من العالم خلال أقل من مائة عام بسبب تناقص عدد المتكلمين بها ، وإهمال تعليمها للأجيال الجديدة . وأوضح التقرير أن ثلث اللغات المهددة بالانقراض يتم التحدث بها في إفريقيا ، وأشار التقرير إلى أن الخطر يداهم اللغات التي يتم التحدث بها من دون العناية بكتابتها وتدوينها ، وأن هناك حوالي مائتي لغة (200 لغة) من هذه اللغات يتكلم بها أقل من خمسمائة شخص فقط ( 500 شخص فقط) . وهكذا فإن اللغات التي يتكلم بها الناس في القرى النائية والمناطق المعزولة في آسيا وأفريقيا تواجه خطر الانقراض ، وذلك لأن الأجيال الشابة تترك المناطق النائية والمعزولة وتتجه إلى العواصم والمدن الكبيرة ، ولا تعود غالباً إلى تلك المناطق . كما أن الكثير من الأجيال الشابة تفضل تعلم لغة من لغات المال والأعمال التي تسهل عليهم الانخراط في الحياة العملية . ومن أمثلة انقراض اللغات مايحدث في دولة مثل موازمبيق ، حيث توجد 23 لغة محلية ، إلا أنها جميعاً تواجه خط الانقراض بسبب اعتماد الدولة اللغة البرتغالية كلغة رسمية . إن اللغة العربية هي اللغة الإنسانية الوحيدة التي صمدت حوالي 17 قرناً لتسجيل حضارة الأمة العربية في ازدهارها وانتكاسها ، وفي سموها وانحطاطها . والواقع أن الحرص على اللغة العربية التي أصبحت اللغة السادسة في العالم ، هو واجب على جميع الناطقين بها ، وهو واجب إنساني وديني في الدرجة الأولى تجاه جميع المسلمين والعرب ، لأنها لغة القرآن الكريم . كما أن الحرص على اللغة العربية هو واجب قومي ووطني من أجل أن تلعب دوراً مهماً وحاسماً في التنمية والدفاع عن الحضارة العربية والإسلامية إزاء العولمة وعوامل التشرذم، التي تحاول أن تفتت الكيانات الإسلامية والحضارية للعرب والمسلمين وخاصة مايتعلق منها باللغة والثقافة . إن الحياة تتطور بشكل مستمر ، وكذلك ينبغي أن تتطور اللغة العربية . فاللغة الحية المتطورة هي جزء من الحياة ، تعبر عن الإنسان وتحفظ تراثه ، بل وتنقل وتخلد آثاره الأدبية والعلمية والفكرية والدينية . وإذا كان القرآن الكريم قد حفظ اللغة العربية منذ مئات السنين ، فعلى أبناء هذه اللغة أن يحافظوا عليها ، وأن يسعوا إلى تطويرها من أجل أن تكون دائماً أحد أهم اللغات التي يتحدث بها الناس في كافة أرجاء المعمورة....