تحرص النظريات التربوية الحديثة على بلورة دور للمؤسسات التعليمية.. على مختلف مستوياتها.. مغاير في أهدافه ورسالته للدور التقليدي الذي ظلت تمارسه، والذي كان منصباً على مخرجات التعليم بأهدافه السلوكية التقليدية، وفي هذا الإطار برز التوجه الداعي الى ضرورة تحقيق تلك المؤسسات للدور الاجتماعي والاقتصادي على نحو يحقق أهدافاً واقعية للتعليم تسهم في التحولات الإيجابية للمجتمع وتعزز التنمية الشاملة فيه، والمملكة احدى الدول التي أخذت بهذا التوجه. وبينما كان طابع التنافس بين المؤسسات التعليمية هو السائد في عقود سابقة فإن الواقع التربوي حديثاً يشير إلى تحول ذلك الطابع الى نوع من التعاون والتكامل ضمن الفريق الواحد أو المنظومة الواحدة، وبرز هذا التحول في صور عدة بين المؤسسات التعليمية ما قبل الجامعية وتلك الجامعية على نحو يحقق أوثق الصلات بينها بغية تحقيق الأهداف الشاملة للتعليم، ومن صورة التعاون في نطاق التعليم بشكل عام ما توفره الجامعات من برامج تعليمية وتربوية لطلاب ما قبل المرحلة الجامعية تمكنهم من تذليل العقبات الأكاديمية التي تعترضهم وكذلك ما تعده الجامعات من برامج تعليمية تحضيرية للتخصصات المختلفة، وما تقدمه من دراسات وبحوث وإحصاءات علمية وتربوية بهدف تطوير أنظمة التعليم العام، وزيادة تأهيل الكوادر البشرية لمتطلبات ومستجدات التعليم. وصورة خاصة من صور التعاون تلك تتجلى في المنح الدراسية التي توفرها المؤسسات الجامعية لخريجي المرحلة الثانوية بهدف استقطاب الطاقات المتميزة من جهة والتكافل من جهة أخرى، وفي احد ابرز مظاهر العطاء والمساندة والتعاون بين جامعة الأمير سلطان ومدارس الرياض خصصت الأولى خمسين منحة للطلاب المتميزين من المدارس والمشاركين في ملتقى القيادات الشابة الذي عقد في الشهر الماضي بمدارس الرياض وبجهود مركز الأمير سلمان لبناء القادة، حيث شملت هذه المنح مختلف التخصصات ايماناً من جامعة الأمير سلطان بالدور الذي تلعبه الجامعات في توفير فرص رحبة لخريجي الثانوية العامة من منطلق تعليمي واجتماعي وثقافي ومساندة للدور الذي تنهض به الجامعات الأخرى، ولاشك بأن هذه المنح ومثيلاتها مما توفره جامعات المملكة وهيئات الابتعاث المختلفة فيها من شأنه أن يوفر فرصاً هائلة للشباب لإكمال تعليمهم وفق ميولهم وقدراتهم وتطلعاتهم، ويوفر للبلاد كوادر بشرية مؤهلة تنهض بعبء التنمية في مختلف مجالاتها. ولم يكن الدور الذي تقوم به جامعة الأمير سلطان سوى انموذج للفكر البنّاء، والرؤى الخلاقة التي تنبع من قناعات راسخة بمثل هذا النمط من التعاون من قبل رجال أخلصوا النية فأحسنوا العمل، كما هي حال صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز الرئيس الفخري لمدارس الرياض، ورئيس مجلس ادارة مؤسسة الرياض الخيرية للعلوم التابعة لجامعة الأمير سلطان، الذي بفضل الله ثم بفضله تحقق الكثير في مجال تطوير التعليم في مدارس الرياض خاصة وفي مؤسساتنا التعليمية عامة، وكما هي حال كل من سمو الأمير عبدالعزيز بن محمد العياف نائب رئيس مجلس ادارة مؤسسة الرياض الخيرية للعلوم والدكتور احمد بن صالح اليماني مدير عام جامعة الأمير سلطان، اللذين منحا من وقتهما ومن جهودهما المباركة ما مكّن جامعة الأمير سلطان من التميز والانطلاق من حيث انتهت اليه أرقى الجامعات، فأضحت منبراَ فكرياً وثقافياً، ومعلماً حضارياً، وصرحاً أكاديمياً مرموقاً يضاف الى صروح العطاء في المملكة العربية السعودية.ولئن كانت تلك المنح المقدمة مبعث فخر لجامعة الأمير سلطان، فإنها مبعث شكر وامتنان من ادارة مدارس الرياض وطلابها ومنسوبيها للجامعة والقائمين عليها وهي دليل ساطع على امكانية تحقيق التعاون المنشود بين المؤسسات التعليمية على جميع الصعد وجني ثمرات هذا التعاون ومواكبة للدور الواسع للمؤسسات التعليمية مستقبلاً. @المشرف العام على مدارس الرياض