ياأخي كأنه ليس لديكم موسم حج؟ قالها أحد أبناء دولة الكويت عندما اتصل بي عند وصوله لأداء مناسك الحج لهذا العام، قلت له وكيف ذاك؟ قال أعلم أن الجهود تستنفر من قبل الجهات الحكومية من كافة القطاعات لخدمة الحجاج، لكنني حينما قدمت الى هذه البلاد مررت بالكثير من المناطق لم ألمس فرقاً أو قصوراً في الخدمات طيلة الطريق الذي سلكته، وأردف قائلاً: أمن الطرق ونقاط التفتيش والهلال الأحمر وآليات الدفاع المدني وكل الأجهزة الأخرى لا تزال تمارس عملها بنفس النمط. قلت: ياأخي ذلك من فضل الله على هذه البلاد، وهذا ما يلاحظه كل مواطن ومقيم، فمع أن الجهود تستنفر لأمن وراحة الحجيج، لكن ذلك لا ينقص شيئاً من أمن الوطن ولله الحمد، فأينما تسير في شمال البلاد وشرقها وغربها جبالها وآكامها ووهادها، فإنك تسير في أمن واطمئنان في عملية توازن وترابط رائعة بين أمن المواطن في أرجاء هذا الوطن الكبير وأمن الحاج منذ وصوله وحتى مغادرته سالماً معافى. ويشهد التاريخ ويثبت أن أمن الحجيج لم يشهد منذ عصر صدر الإسلام، عصراً تمتع فيه الحجاج بالأمن والراحة والرخاء مثل عصر هذه الدولة المباركة. فقد كان أجدادنا يروون معاناتهم في الحج قبل العهد السعودي وكم يقاسون من أهوال في سبيل أداء هذه الفريضة فحينما يخرج الحاج يتم توديعه توديع مفارق، وحينما يصل كانت تقام الأفراح والبشائر بمناسبة الوصول. وفي السابق كانت تفرض على الحجيج "المكوس" أي الضرائب، وبين كل منطقة وأخرى يحتاج الحجيج الى من يرافقهم ويضمن أمنهم، وكم من قصص ذكرها التاريخ من تعرض الحجيج لمذابح او مصاعب وأهوال في سبيل الوصول الى الديار المقدسة. وقد كان الحجاج مصدر رزق لأبناء الديار المقدسة، ويحضرون زادهم وعتادهم، وهم اليوم ولله الحمد يتلقون شربهم وأكلهم مجاناً، ويزودن بنسخ القرآن الكريم، وتسهر الدولة على تقديم كافة الخدمات لهم، وتيسير أمورهم وراحتهم. إن أمن الحاج والمعتمر جزء لا يتجزأ من أمن الوطن، وكذلك أمن الوطن من أهم أسباب أمن الحج، ومع أن هذه الشعيرة المقدسة لا تخلو ممن يندسون لتنفيذ مآربهم من الحاقدين والمفسدين، إلا أن الله سبحانه قيض لهذه البلاد من يقوم بحماية المواطن والحاج والمعتمر في مشاهد لا يعرف لها التاريخ مثيلاً. @ جامعة جازان