ترأس صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية، فجر أمس (بتوقيت الرياض) لجنة الاتصال العربية في الاجتماع مع اللجنة الرباعية الدولية المعنية بعملية السلام في الشرق الأوسط. الاجتماع الذي عقد في الأممالمتحدة، ضم من الجانب العربي المملكة ودولة الامارات وسوريا وقطر وسلطنة عمان ومملكة البحرين والجزائر واليمن والمغرب ولبنان والاردن ومصر والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى. ومن الجانب الدولي اعضاء اللجنة الرباعية: الأممالمتحدة، الولاياتالمتحدة، وروسيا والاتحاد الاوروبي. وفي اثناء الاجتماع الذي امتد الى ما يقارب الثلاث ساعات، وجه الأمير سعود الفيصل كلمة نيابة عن الجانب العربي الى اعضاء الرباعية الدولية أكد فيها على ما بذله العالم العربي من مساعٍ ومبادرات للوصول الى سلام حقيقي ودائم إلا أن كل ذلك يواجه بمقاومة شديدة وتعطيل من جانب (اسرائيل) المستمرة في اتخاذها للتدابير احادية الجانب، بما يتعارض مع القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن، كما أن (اسرائيل) لم تف بتعهداتها بدءاً من اوسلو الى انابوليس. وتنشر "الرياض" فيما يلي كلمة سمو الأمير سعود الفيصل أمام اللجنة الرباعية الدولية: "أود بداية أن أشكر اللجنة الرباعية الدولية لعقد هذا الاجتماع لبحث عملية السلامة في الشرق الأوسط. لطالما استدعى الصراع العربي - الاسرائيلي عقد العديد من الاجتماعات، واتخاذ العديد من القرارات بشأنها ربما أكثر من أي صراع دولي آخر. وليس أدل من ذلك عقد اللجنة الرباعية ثلاثة اجتماعات متوالية في غضون الثلاثة أشهر المنصرمة. ومع ذلك وعلى الرغم من كل هذه الجهود، الا انه لم يتم التوصل الى حل للنزاع سواء على صعيد أي قضية رئيسية، او حتى في وضع إطار واضح للحل. وكنت أتطلع لحضور هذا الاجتماع للتعبير عن السعادة بتحقيق نتائج ملموسة، الا انه لم تتحقق اي نتائج فعلية او اي انفراج يذكر، وذلك على الرغم من الجهود المحمودة التي تبذلها الولاياتالمتحدة، واللجنة الرباعية الدولية. واليوم نحن نجتمع، وسوف نستعرض نفس القضايا، وعلى الأرجح سنخرج بنفس الاستنتاجات. وينبغي علينا ان ندرك بوضوح ان السلام لن يتحقق بعقد الاجتماعات المتوالية، او من خلال المفاوضات غير المثمرة، في ظل تجاهل القضايا الرئيسية للنزاع الخاصة بالقدس، والحدود، واللاجئين، والضمانات الأمنية. ونحن جميعاً ندرك العناصر المطلوبة للحل كما ندرك أسباب عدم التواصل للسلام. لقد بذل العالم العربي، بما فيه السلطة الوطنية الفلسطينية كل ما في وسعهم للوصول الى سلام حقيقي ودائم. وحرصاً على الاستمرارية فقد وجه جميع أعضاء الجامعة العربية رسالة الى الرئيس الأمريكي المنتخب أوباما مؤكدين فيها على استمرار التزامهم بالسلام، فمبادرة السلام العربية لا تزال مطروحة على الطاولة، وتوفر بدورها عرضا جماعيا لإنهاء الصراع مع اسرائيل والدخول في اتفاق سلام يوفر الأمن والاعتراف والعلاقات الطبيعية لجميع دول المنطقة. وهي عناصر تجسد في مجملها تعهدات قوية وجادة للغاية لا ينبغي تجاهلها، وتعكس التزام الجانب العربي بالسلام كخيار استراتيجي. وعلى الرغم من الجهود الدؤوبة التي تبذلها وزيرة الخارجية الأمريكية السيدة كونداليزا رايس التي تحظى بتقديرنا، إلا أن هذه الجهود تواجه بمقاومة شديدة وتعطيل من جانب إسرائيل المستمرة في اتخاذها للتدابير أحادية الجانب، بما يتعارض مع القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن، كما أن إسرائيل لم تف بتعهداتها بدءاً من أوسلو الى انابوليس. وبدلاً من السعي الأمين من أجل السلام، نجد اسرائيل مستمرة في استحواذها على المزيد والمزيد من الأراضي الفلسطينية، ومضيها في الإذلال اليومي للشعب الفلسطيني، وبناء المستوطنات المنافية للشرعية الدولية والالتفاف على الأراضي الفلسطينية عبر الطرق وبناء الجدران وذلك لخلق حقائق جديدة على الأرض. وتؤدي هذه المستوطنات الى تغيير جغرافي وديموغرافي في الأراضي الفلسطينية، ولا سيما في مدينة القدس وما حولها، وذلك في انتهاك فاضح للقانون الدولي وجميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، والتزامات خارطة الطريق، وتعهدات أنابوليس. وتطوق هذه المستوطنات معظم المدن الفلسطينية الرئيسية في الضفة الغربية، كما أنها تستحوذ على أكثر من نصف مواردها المائية. وفي القدسالشرقية لا تزال أعمال الحفر والبناء مستمرة بلا هوادة. ان جميع هذه الاجراءات الإسرائيلية، تكاد تجعل من المستحيل امكانية قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة في المستقبل، علاوة على ذلك تجعل من الصعوبة بمكان على أي حكومة فلسطينية اقناع الفلسطينيين بجدوى السلام. وفي حين تفرض فيه الأحكام على الفلسطينيين على أي تجاوزات، فإن الإسرائيليين المحتلين يفلتون، أو مسائلة من جانب المجتمع الدولي. إذا أردنا الوصول للسلام علينا أن نتحلى بالجدية، ومن غير الملائم أو الفعال أن نعلن مرارا وتكرارا عن دعمنا للرئيس محمود عباس دون منحه شيئا بعد مفاوضات مطولة، الأمر الذي يجعل من الصعوبة البالغة استمراره في السعي نحو السلام. كما أن تكرار التصريحات الإيجابية بشأن مبادرة السلام العربية تظل عديمة الجدوى في ظل تجاهل جوهر المبادرة القائم على الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي العربية المحتلة. وفي حين أننا نشيد بالبيان الصادر عن القمة الأوروبية الأخيرة بشأن أولوية الدفع بعملية السلام قدما، فإننا لا نملك إلا أن نعبر عن حيرتنا من قرار مجلس الاتحاد الأوروبي لرفع مستوى العلاقات مع إسرائيل، ورغم أن بيان المجلس يدرج اتخاذه لهذا القرار في اطار تشجيع عملية السلام، إلا أنه يقودنا إلى التساؤل لماذا الاستعجال في هذا الأمر قبل بروز سلوك ايجابي من إسرائيل، ان إسرائيل لا ينبغي أن تكافأ لنقض وعودها، واستمرارها في أنشطتها الاستيطانية غير المشروعة. إن اجتماعنا هذا الذي يأتي في مرحلة انتقالية، ينبغي أن يمهد الطريق لتحرك مستقبلي جاد لبلوغ السلام، بما يكفل على تغيير الانطباعات السائدة في العالمين العربي والإسلامي حول عدم توافر الإرادة الجادة للمجتمع الدولي في هذا الشأن، لا يمكن لجمود عملية السلام سوى أن يفاقم جاذبية الأيديولوجيات المتطرفة، حين تصل مشاعر البأس والإحباط الى مستويات خطيرة". هذا وفي ختام اجتماع لجنة الاتصال العربية مع اللجنة الرباعية الدولية ادلى سمو وزير الخارجية بتصريحات للصحافيين في الأممالمتحدة عن الطرح العربي على اللجنة الرباعية الدولية، حيث قال سموه: "الاجتماع كان جيداً مع الرباعية. نحن حددنا موقفنا في العالم العربي بأننا لا نرى أن المفاوضات تكون لأجل المفاوضات، ولكن يجب أن تكون المفاوضات للنتائج التي هي مرجوة منها وبالتالي نأمل أن تتعرض هذه المفاوضات للقضايا الرئيسية. وللأسف لم نتمكن الاستخلاص بأن هناك أي اختراق لأي من القضايا الرئيسية مثل الحدود، اللاجئين الفلسطينيين، المستعمرات وإلى غير ذلك من القضايا الرئيسية التي تشملها مبادرة السلام العربية. كما أننا أكدنا أن العرض الذي قدمته الدول العربية مازال موجودا على الطاولة ويستحق الرد المناسب لهذا العرض السخي. أملنا أن يكون هناك اعداد من اللجنة الرباعية فكما تعلمون ان هذه فترة انتقالية والاعداد الذي نتطلع إليه هو أن نبدأ من حيث انتهينا وأن لا نبدأ من جديد. وكان هناك خطاب من وزراء الخارجية في الدول العربية للرئيس أوباما حول هذا الموضوع يدعو أيضا إلى أن تكون هناك بداية من حيث انتهينا حول قضية الشرق الأوسط حتى نتمكن من الوصول الى حلول". واعتبر سمو وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل ان مشروع القرار الأمريكي المدعوم من روسيا الذي صوت عليه مجلس الأمن بشأن عملية السلام في الشرق الأوسط يتيح لمجلس الأمن الاشراف على العملية السلمية، اذ قال سمو الأمير سعود الفيصل في ختام تصريحاته للصحافيين في الأممالمتحدة: "في الواقع هناك شيء ايجابي في مشروع القرار يجعل مجلس الأمن معني بالاستمرار في الاشراف على سير المفاوضات وأنا أعتقد أن هذا مدخل أساسي للمجلس في تقييم دور الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي في المفاوضات". وسبق اجتماع لجنة الاتصال العربية مع الرباعية الدولية اجتماع لأعضاء الرباعية أصدروا في نهايته بيانا وعقدوا مؤتمرا صحافيا اكدوا فيهما التأييد للمفاوضات الثنائية المباشرة بين الفلسطينيين والاسرائيليين وبأنه لا رجعة عن عملية التفاوض التي اطلقها مؤتمر أنابوليس في العام الماضي لأجل وضع حد للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي ولتأسيس دولة فلسطينية تعيش الى جانب دولة (إسرائيل) في أمن وسلام وبالسرعة الممكنة. ورحب اعضاء الرباعية بالجهود الهادفة الى احياء مبادرة السلام العربية التي طرحها الملك عبدالله بن عبدالعزيز وتبنتها قمة بيروت العربية، وذلك كجزء من مقاربة شاملة لحل الصراع العربي - الإسرائيلي وحث الأعضاء الدوليين في اللجنة الرباعية كلا من سورية و(إسرائيل) على تكثيف مفاوضاتهما وفي الوقت نفسه ايد اعضاء اللجنة دعوة روسيا الى عقد مؤتمر دولي حول الصراع في الشرق الأوسط في موسكو العام القادم.