كتب العديد من الكتّاب عن الحاج مدبولي، ولا غرابة في ذلك فلقد كان الرجل ناجحا بكل معايير النجاح بل لقد أصبح مليونيرا في تجارة أفلس فيها كثيرون ومنهم كاتب هذه السطور، وكان ايضا ظاهرة إذ أصبح وهو الأمي الذي لا يكاد يفك الحرف أهم ناشر في العالم العربي، ولم تكن رحلته مع الكتاب سهلة وهينة بل كانت شاقة، وتعرض للمساءلة عدة مرات من قبل السلطات القضائية، وحكم عليه بالسجن ثماني سنوات، وهرب أيامها إلى بيروت، ولكن الرئيس حسني مبارك عفا عنه فعاد إلى مصر، وقد عرفت الرجل شخصيا، وأستطيع الآن أن أكتب عن سر نجاحه، إذ عرضت عليه أن اشترك معه في نشر بعض الكتب، فسألني عن الكتب التي أريد أن أنشرها فأخبرته عن بعضها، وكان هذا البعض لشاعر معروف أعتبره من أعظم الشعراء العرب، فقال لي إن الشعراء الوحيدين الذين يمكن أن تباع كتبهم هم نزار قباني وادونيس ومحمود درويش، ولم أسمع كلامه ونشرت كتب الشاعر الذي اخترته، وصح ما قاله لي مدبولي ولم تتجاوز النسخ التي بيعت من كتبه ألف نسخة، وبالطبع خسرت خسارة بالغة وغادرت دنيا النشر، ومدبولي نجح لأنه كان يمتلك حاسة شم للكتاب الذي يمكن أن ينجح بصرف النظر عن اتجاه الكتاب السياسي أو ملته ونحلته إذ نشر كتباً لكتّاب من أقصى اليمين وأقصى اليسار وتجاور في منشوراته الشيخ الغزالي مع نصر حامد أبو زيد، كان معياره الوحيد: هل يمكن أن يبيع الكتاب المراد نشره نصف مليون نسخة؟ وعدا ذلك لم يكن يهمه أيّ شيء آخر، ولهذا نجح.