تشهد العاصمة الفرنسية من بداية الشهر الجاري إلى الثاني عشر منه تظاهرة تشارك فيها جمعيات خيرية ومؤرخون وطهاة كبار وتهدف إلى جمع أموال تستخدم لفائدة المعوزين والمشردين والجائعين. وتنطلق فعاليات هذه التظاهرة من مصطلح في فنون الطبخ حديث يعبر عنه بكلمة "فودينغ" وهي أصلا كلمة مركبة من عبارتين اثنتين مأخوذتين عن اللغة الإنجليزية هما عبارة "فود" أي الغذاء وعبارة "فيلينغ" أي الإحساس أو الشعور أو الحدس. وقد استنبط نقاد فرنسيون هذا المصطلح للترويج لتقليد جديد في التعاطي مع الأكل يقوم على مزج عملية الأكل بعملية التثقيف والترويح عن النفس. وقد لاحظ هؤلاء النقاد أن تقاليد الأكل الفرنسية فيها كثير من الرتابة والجدية اللتين تجعلان في نهاية المطاف عملية الأكل مملة . وفي إطار تفعيل المصطلح الجديد قرر كبار طهاة باريس ومنهم على سبيل المثال ستيفان هيسان رئيس طهاة مطعم "البرج الفضي" القريب من مبنى معهد العالم العربي تقديم وجبات خاصة لضيوفهم طوال فترة فعاليات التظاهرة بأشكال مختلفة منها على سبيل المثال إقامة مآدب كل مساء لمئات الأشخاص حول أطباق كان يتناولها رؤساء فرنسا أو ملوكها أو أرستقراطيوها. ومنها أيضا مآدب خاصة للعشاق يعمد فيها كبار الطهاة إلى خدمة هؤلاء العشاق خدمة تجعلهم يشعرون لليلة على الأقل أنهم ملوك أو رؤساء. ويبدو من خلال النجاح المنقطع النظير الذي لقيته التظاهرة التي لم تنته فعالياتها بعد أن حركة "سلو فود" ترغب هي الأخرى في إقامة تظاهرات مماثلة في المستقبل لفائدة المعوزين والذين أصبحوا ضحايا الوجبات السريعة. وعبارة "سلو فود" تعني "التغذية البطيئة" أو "الأكل البطيء". وقد أطلقت في إيطاليا في ثمانينات القرن الماضي ولديها اليوم أتباع في قرابة مائة بلد. وهي تنطلق من الحرص على العودة إلى طقوس الأكل التقليدي الذي يعتمد فيه على المنتجات المحلية الموسمية.