في كل العصور ظهرت ادعاءات كثيرة عن رؤية مخلوقات خرافية غريبة (سواء في الغابات والبحار أو الصحاري والأنهار). وهي ادعاءات يهون أمرها مقارنة بوجود مخلوقات هلامية شفافة تسبح في أعلى الغلاف الجوي.. ويمكن تخيل هذه المخلوقات كحيتان وأسماك هلامية عملاقة تحوم في بحر من الهواء المحيط بالأرض. وهي مخلوقات لا تراها العين البشرية كونها تعيش في بعد فيزيائي مختلف (كالجن والشياطين) وتطفو في الهواء بلا عناء (كونها أخف من الهواء نفسه)!! .. ومن حيث المبدأ لا يعتبر هذا الادعاء جديداً أو وليد هذا العصر كون أمم وحضارات كثيرة آمنت بوجود ملائكة وأرواح ومخلوقات سماوية غير مرئية تعيش في "الأعلى".. وفي مطلع القرن العشرين افترض عالم أحياء نمساوي يدعى ويلهيم راخ وجود ما أسماه "طاقة الحياة" التي تأتي وتذهب من بعد فيزيائي مختلف.. فمن المفهوم أن الحياة تنشأ من جسد مادي وطاقة غير مرئية، وحين تُخلق الأجساد تستقطب طاقة حياتية خاصة بها تعطي الجسد مظهره الحي - وحين تموت وتبلى تعود طاقتها الحية إلى حيث كانت في عالمها الخفي (وهي فرضية تذكرنا بطبيعة الروح في كتاب ابن القيم الجوزية). وبحساب الفرق رياضياً استنتج ويلهيم وجود حياة غير مرئية تفوق (من حيث العدد) مخلوقات الأرض المادية التي نراها حولنا.. وكان الباحث الأمريكي تشارلز فورت (الذي أسس مجلة باسمه مازالت تنشر حتى اليوم) قد افترض في الخمسينيات وجود مخلوقات هلامية تسبح في الهواء بناء على هذه الفرضية.. غير أن كلامه لم يؤخذ على محمل الجد حتى أواسط التسعينيات حين اكتشف علماء الكيمياء مادة هلامية شفافة تدعى ايروجل aero-gel أخف وزنا من الهواء (لدرجة أنها لا تسقط لو تركتها من يدك وترتفع في الهواء كبالونات الهيدروجين).. ومجرد اكتشاف مادة بهذه المواصفات يجعل من المقبول افتراض وجود مخلوقات حية تتمتع بكتلة خفيفة مشابهة - قد لا نتنبه لوجودها بسبب طبيعتها الشفافة!! وفي عام 1975توسع باحث يدعى تريفور جيمس في هذا الموضوع وقال بأن مايدعونها الناس خطأً "أطباقاً طائرة" هي في الحقيقة أشكالاً حياتية من هذا النوع دخلت بشكل استثنائي الى نطاق رؤيتنا لها (وهو مايذكرنا برأي الشيخ عمر الأشقر الذي افترض أن الأطباق الطائرة من تقنيات الجن والعوالم الخفية)! ويؤكد تريفور (في كتابه The Cosmic Pulse of life) أن هذه المخلوقات ظهرت قبل الجنس البشري حين كانت الأرض (في بداية تشكلها) في حالة غازية وبلازمية شفافة. ورغم أنها ليست ذكية بقدر الانسان (أو حسب تعبيره ليست أكثر ذكاء من الأسماك) إلا أنها تعتمد بشكل كبير على موهبة التخاطر والتنسيق الجماعي بين أفرادها!! وحتى يومنا هذا مازالت فكرة وجود حياة خفية في أجوائنا العليا تحظى بقبول واسع من قبل المهتمين بالأطباق الطائرة والظواهر الخارقة (بل وأخذت اسما في عالم الكائنات الحية يدعى رودز Rods).. ورغم غرابة هذه الفرضية إلا أنها تملك عنصرين قويين يرجحان صحتها :- الأول أن اكتشافاتنا السابقة تؤكد ظهور الحياة بشكل تلقائي وبديهي في أي بيئة فارغة ومتوفرة (حتى في البيئات المتطرفة وغير المتوقعة مثل الفوهات البركانية الملتهبة وطبقات الجليد العميقة)!! - والثاني أنها تتفق مع الأديان السماوية من حيث وجود مخلوقات خفية يعجز الانسان عن رؤيتها أو سماعها رغم وجودها حوله (كالجن والملائكة والشياطين)! ..... وفي جميع الأحوال.... يخلق مالا تعلمون...