تعمدُ وزارة المياه والكهرباء بين حين وآخر إلى التنبيه، والعودة إلى التنبيه، عبر إعلان صحفي يأخذ صفحة كاملة، بارزة الحروف، جليّة الوضوح، تحذر فيه الناس من تضليل مسوّقي اجهزة تنقية المياه للمنازل. وركّزت الوزارة على أن تغيّر لون الماء عند عرض التجربة على الزبون، مصدره قضيب الحديد المغمور في العينة، لا العينة نفسها. وأن العمل برمته هو ضرب من ضروب الخداع والاستغفال والاحتيال. وهذه المبادرات من الوزارة بحق روح إرشادية تُشكر الوزارة عليها، وأيضا تجعل المواطن يراجع الشكوك والمخاوف الصحية عندما تأتيه عروض عبر الهاتف لعرض التجربة وإعطاء "البرهان و "الدليل" على أن مياه الإسالة (المصلحة) غير صالحة للاستهلاك الآدمي. وإيحاء المستهلك باللهاث وراء كل جديد. تلك الشركات برعت في أساليب الاختراق، وجعلت المجتمع يركض وراء خدع بسيطة يجيدها طالب المتوسطة الدراسية. لكنني أقول إننا - بما فينا الوزارة - يجب أن نُطبّق معايير أخرى أكثر واقعية، مبنية على مواجهة الحقائق وإغفال العواطف والمجاملة. ويكون هذا بإجراء بسيط وهو سؤال المسوّق عن رخصته وسجله التجاري. وعن المادة المستوردة وهل هي مطابقة لحاجات بني آدم في هذه البلاد. أم أنها آلات سُمح باستيرادها وجرى عليها تحويلات وتعديلات محليا. لأنني لا أتصوّر خطوط انتاج أجهزة تصفية مياه صُنعت "خصيصا" كي تُغيّرلون الماء (العينة) ليندفع المواطن إلى شرائها. ثم إن المسوّقين، وهذا جرّبته بنفسي، لا يملكون معرضا أو صالة معاينة أو رخصة بلدية أو سجلا من أي نوع. مسوّقون.. يتصلون.. ويركّبون.. ويذهبون (واسمي مواجهك) أصلُ الى القول إن وزارة المياه والكهرباء جهة حكومية، وتملك السلطة والخبرة، وما عليها إلا أخذ أسماء وأرقام تصنيع تلك الأجهزة وتعميم منع استيرادها وتداولها وتسويقها. ومصادرة المخزون منها، تماما مثل مصادرة علب الطعام الفاسد وأدوات الزينة المدمّرة للبشرة. وعلمت أن الجهاز، إذا جرى تركيبه في المنزل، يقوم بهدر مياه كثيرة على أنها "غير صالحة" ويحوّلها إلى المجاري. حتى الزرع لا يستفيد منها.