يحتفل العالم هذه الايام باليوم العالمي لمرضي السكري عافانا الله جميعاً من كل داء وبلاء. ونحن أمام مجموعة من الحقائق التي يجب الوقوف عليها منها: أن حوالي 28% من سكان المملكة العربية السعودية وفق بعض الاحصائيات مصابون بالمرض، والثانية ان 16% من السكان معرضون للاصابة بهذا المرض، والثالثة ان حوالي5.5% من السكان مصابون بأمراض القلب. امام هذه الحقائق، فنحن لسنا أمام مرض عادي، أو وباء تكثف الجهود للقضاء عليه خلال فترة من الزمن، إننا امام أمة تقتل نتيجة هجمة شرسة اصابتها في ضعفها امام شهواتها الغذائية والمدنية. لقد تغير النمط الاستهلاكي للمواطن السعودي في السنوات الاخيرة تغيراً جذرياً، فقد تحولنا الى مجتمع استهلاكي وخاصة في سلوكياتنا الغذائية. فقد ارتفع معدل استهلاك الفرد الى حوالي 42كجم من السكر في السنة ونستهلك حوالي الف طن من الأرز سنوياً اضافة الى ازدياد ارتياد مطاعم الاغذية السريعة التي تركز في معظم وجباتها على الوجبات السريعة المقلية. ونستورد لابنائنا حوالي 432الف طن من الحلويات من جميع انحاد العالم اضافة الى ما تقدمه مصانعنا المحلية، ومعظم هذه الحلويات لا تعدو كونها سكر في اشكال والوان مختلفة، بل لقد تحولت معظم مخابزنا الى مراكز لانتاج الحلويات المنزلية (الحلويات الشرقية) التي تتركز على السكر والزبدة في تصنيعها، حتى وصلت نسبة السمنة في هذا البلد وفق لبعض الاحصائيات الى حوالي 36% وفي دراسة اخرى حالي 50% في ظل رغبتنا في الخمول وعدم الحركة فضلاً عن صعوبة وجود المكان المناسب للرياضة البسيطة (المشي)، بل لقد وصل حب الخمول والراحة والدعة الى شبابنا، فأصبحوا غارقين امام شاشات التلفاز والحاسوب والالعاب الالكترونية، فليس من المستغرب ان ترى شاباً لم يتجاوز السابعة عشرة من عمره وقد اصيب بأمراض الشيخوخة مثل الدهون الثلاثية والكليسترول. القضية ايها السيدات والسادة، ليست في عجز في اداء عمل البنكرياس كما يؤكده الاطباء. انها هجمة شرسة يؤججها ضعف الرقابة الغذائية وعدم توفر التشريعات الغذائية الملزمة بالغذاء الصحي السليم وجشع بعض اخواننا التجار في ظل استسلامنا لشهواتنا الغذائية والرغبة في الراحة والخمول. ان سعادتنا لا توصف مع كل اضافة تساهم في صحة ابناء هذ الوطن الغالي من مراكز صحية ومسشتفيات تخصصية ومعدات طبية، الا اننا بحاجة ماسة الى اعادة صياغة نظامنا الغذائي بجودة صارمة تضمن غذاء صحياً، خاصة لأبنائنا وبناتنا ومستقبلنا في هذه الأرض المباركة، ان ضمان خلو جميع المنتجات الغذائية من الملوثات الكيميائية وحسن اعداداها وتصنيعها والتوازن في كمية الاستهلاك وعدم الافراط في الدهون والسكريات اصبح من الاهمية بمكان. فنحن في أمس الحاجة الى العودة الى غذاء سليم متوازن بحيث نفكر في شراء انفسنا اولاً قبل شراء غذائنا، فالمصيبة في غذائنا وليست في دوائنا. حفظ الله هذا البلد وابناءه وجميع المسلمين من كل داء وبلاء. @ عميد كلية المجتمع بحريملاء - جامعة الملك سعود