للعمل الجماعي براعة في الاتقان وتميز في الأداء واكتشاف لعوالم جديدة من الإبداع ناهيك إذا اقترن هذا العمل الجماعي بمظلة مؤسسة ترعاه وتدب عليه حتى يأتي أكله، وهذا ما حدث ل "موسوعة مكةالمكرمة والمدينة المنورة" في مجلدها البكر "الأول" والصادر عن مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، حيث عكفت سنوات طوالاً لخلق هذا المنجز العلمي الضخم الذي سوف يصدر تباعاً في أجزاء عديدة لرصد كل ما يتعلق بهاتين المدينتين المقدستين "حرسهما الله" رصداً دقيقاً للغاية، وذلك بفضل جمهرة من الباحثين الذين عرفوا بعلمهم الغزير وأمانتهم المنهجية. ولو تأملنا ما ذكره معالي الأستاذ أحمد زكي يماني الرئيس والمشرف العام على الموسوعة في تقديمه لها، حيث قال: إن الخطوة الأولى بدأت بإنشاء فرع لمؤسسة الفرقان، يختص بإصدار الموسوعة يقوم أول ما يقوم بتوثيق التراث العلمي والحضاري الشامل لمكةالمكرمة والمدينة المنورة وحفظه للأجيال القادمة، في صورة يسهل للباحثين والدارسين الرجوع إليه مستعينين بالأساليب التقنية والتجهيزات الحديثة. وقمنا بتشكيل اللجان في المدن الإسلامية التي تحتفظ بوثائق عن المدينتين المقدستين، مثل: اسطنبول، والقاهرة، وجامعة ليدن بهولندا وجمعنا كماً هائلاً من المؤلفات والوثائق التاريخية والصور الفوتوغرافية والخرائط والتسجيلات الصوتية، وشجعنا الباحثين من مختلف الجنسيات على إجراء الدراسات العلمية التي تتناول جميع الجوانب المتعلقة بالمدينتين المقدستين عبر التاريخ. ولعمري إن هذا الحديث الجاد من معالي المشرف العام ليجده على أرض الواقع حينما يتصفح الباحث والقارئ صفحات الموسوعة ويرى الجهد الذي بذل من قبل مجلس المستشارين للموسوعة الذين وضعوا السياسة العامة والخطوط الرئيسة لعمل الموسوعة، كما سيجل المجلس العلمي الذي قام على إنشاء الموسوعة والذي يضم خبراء اكفاء ومتخصصين لهم باع طويل في المجالات العلمية الرئيسة المختلفة. أما المحرر الرئيس وأمين عام الموسوعة فهو الأستاذ الدكتور عباس طاشكندي الباحث العلمي المعروف والخبير في شؤون المكتبات فقد أوضح أن المؤسسات تقوم على أسس مؤسساتية ووفق أطر وتوجيهات لتكون عملاً يعتمد على ترتيب الأولويات وإعداد التجهيزات والبنى الأساسية والإشراف على المراحل كافة علمياً وإدارياً وفنياً وتطبيق المعايير على المنتج النهائي المتمثل في مواد الموسوعة، ثم يشير طاشكندي إلى أن مؤسسة مكةالمكرمة والمدينة المنورة هي موسوعة علمية متخصصة وشاملة تهدف إلى إبراز وتوثيق الدور الديني والثقافي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي والحضاري لهاتين المدينتين المقدستين منذ نشأتهما وحتى الوقت الحاضر اعتماداً على المنتج الفكري بجميع أشكاله ووسائطه. ويمضي المحرر الرئيس في حديثه إلى أن الموسوعة تغطي المجالات الرئيسة كالبنية الطبيعية والحرمين الشرفين والحياة الاجتماعية والحياة الاقتصادية والحياة الثقافية والحياة الدينية والحياة السياسية والسيرة النبوية والعمارة والتخطيط وأخيراً مصادر التاريخ المكي والمدني. بقى أن نذكر أن الموسوعة وقفت على عدد كبير مما له علاقة بمكة والمدينة كالآبار والآثار المكية والمدنية والآثار النبوية الشريفة والاطام والأسر المشهورة الحاكمة والعلمية والاجتماعية والأودية والشعاب والجبال والبساتين والرحلات والاسبلة والأربطة والدور والقصور والحلقات العلمية في الحرمين الشرفين والمكتبات والمواقع الحربية والأوقاف والمدارس والمساجد والأزقة والخوخات والأحواش والحمامات والعيون والسرايا والقبور والقلاع والريوع والثنايا والصخور والغزوات وأبواب المدينتين وأبواب الحرمين والاتاريك والاتفاقيات.