تعتبر الفترة التي تلي اكتشاف إصابة أحد أطفال الأسرة بداء السكري من أكثر الأوقات حرجًا وصعوبة لجميع أفراد الأسرة، ففي هذه الأوقات العصيبة يسود شعور عميق بالحزن لدى جميع الأفراد، ويسود عدد من التساؤلات الملحة على الأبوين منها: لماذا أصيب طفلنا بهذا المرض في هذه السن المبكرة؟ وكيف يمكنه التعايش معه، وكيف نعالجه؟ وما الذي يمكننا فعله لمساعدته والحفاظ عليه، وحمايته من مخاطره؟!!. وتختلج الأسرة في هذه الأثناء العديد من المشاعر، التي تترد بين الشعور بالصدمة من سماع نبأ الإصابة بهذا الداء، أو إنكار الإصابة به، وقد يتطور الأمر إلى الشعور بالغضب، أو الحزن والاكتئاب، والإحساس بالذنب خاصة في مرحلة ما بعد التشخيص، وقد تختلط لديها مشاعر الخوف والقلق من إمكانية تعرضه المصاب بالسكري لمضاعفاته الحادة. وكل هذه الأمور مؤقتة، تطرأ على الأسرة بعد اكتشاف المرض مباشرة، ولكن سرعان ما تتلاشى وتقل حدتها بمرور الأيام ويستعيد الطفل وأهله الإحساس بالتوازن النفسي بعدها. كيفية تجاوز هذه المرحلة: الرضا بالقضاء والقدر، واليقين بأن كل شيء مقدر ومكتوب عند الله تعالى والتسليم بذلك، بالإضافة إلى تحدث المريض عن مشاعره وأحاسيسه مع الأسرة والأصدقاء، أو أعضاء الفريق العلاجي الخاص به مثل الأخصائية النفسية ومعلمة السكري، والأخصائية الاجتماعية، من العوامل المهمة لتجاوز هذه المرحلة عند الكبير. أما الأطفال فيكونون بحاجة ماسة لمن يتحدث معهم عن هذه التجربة المرضية، وعادة ما تكون الأم هي أفضل عضو في الأسرة يمكنها التحدث مع الطفل؛ لأنها أكثر أفراد الأسرة قربًا منه، وأكثرهم قدرة على مساعدته لتخطي هذه المرحلة الحرجة. الطفل العنيد: تبقى كيفية التعامل مع الطفل السكري هي العقبة الكبرى أمام جميع الأسر التي أصيب أحد أطفالها بالسكري، وخاصة إذا كان هذا الطفل من النوع العنيد، الذي لا يستجيب بسهولة للتعليمات، ويرفض تلقي العلاجات اللازمة، ويتملص منها، ويصر على القيام بحركات أو أعمال استفزازية ليحقق مآربه، فهو دائم التمرد، صعب الإقناع، كثير التقلب والتحول، له مزاج من نوع خاص. ومما لاشك فيه أننا جميعا نتمنى أن يتمتع أطفالنا بأخلاق طيبة، وأن يتعلموا كيف يفرقوا بين الخطأ والصواب، ولكن قد لا يكون هذا الأمر سهلا في كثير من الأحيان، وخاصةً إذا كان الطفل عنيدًا. ويقابل كل ما نقوله بكلمة "لا". لماذا يكون طفلي عنيدًا؟: قد يتساءل كثير من الآباء قائلا: هل من الطبيعي أن يكون طفلي عنيدًا بهذا الشكل؟!. فنقول له: إن العند صفة طبيعية جدًّا في الأطفال، فكل طفل عنيد إلى حد معين، لأن من طبيعة الطفل أن يختبر البيئة المحيطة به لكي يعرف مداها، ولكن كثير من الأطفال لا يعرفون حدودهم التي يجب عليهم التوقف عندها، ومن مهمة الأبوين أن يضعا لهم هذه الحدود، فالطفل على الرغم من صغر سنه يكتشف أنه شخصية مستقلة، وأن له القدرة الذاتية على التفكير واتخاذ القرارات الخاصة به، وكذلك القدرة على الاعتراض على أي شيء لا يعجبه. قواعد التعامل مع طفل السكري العنيد: مما لا شك أن التعامل مع الطفل العنيد شيء صعب وأحيانًا كثيرة قد ينفد صبرك قبل أن ينفد صبره هو، ولكن هناك بعض الطرق الفعالة للتعامل مع هذا الطفل العنيد حتى يكون بيتك مكانًا هادئًا بدلاً من أن يصبح ميدانًا للمعارك!. والتربية الجيدة هي أفضل طريقة للتعامل مع الطفل العنيد عموما وطفل السكري بوجه خاص ومنعه من التمادي في هذا العند، ويمكن الاستعانة بالقواعد التالية: القاعدة الأولى: الثبات على المبدأ: الثبات على المبدأ عند التعامل مع الطفل العنيد هو القاعدة الأولى من قواعد التربية الصحيحة، وهذا يعني أن يعرف الوالدان جيدا ما هو المسموح به لطفلهما وما هو غير المسموح. القاعدة الثانية: الحزم: فيجب على الوالدين أن يكونا حازمين في معاملة الطفل العنيد، ومن المهم جدًّا تحديد مواعيد للطعام، والعلاج، والاستحمام، والنوم، والأشياء الأخرى التي تعتبر مهمة بالنسبة له. القاعدة الثالثة: وضع حدود للمعاملة والتصرفات القاعدة الرابعة: الإقناع القاعدة الخامسة: التحفيز القاعدة السادسة: التواصل العاطفي وفي النهاية نقول إن الأطفال يحتاجون -بصفة عامة- إلى نوع خاص من المعاملة والرعاية، فيجب على الوالدين الموازنة بين متطلبات الطفل واحتياجاته وتحقيق رغباته وبين نظامه العلاجي والغذائي، ويمكنهم استشارة خبراء التربية والصحة النفسية في هذا الأمر. نصائح مهمة: يجب حث الطفل المصاب بالسكري وكذلك بقية أفراد العائلة على الاستعانة على مواجهة الصعوبات التي تواجههم بالإكثار من الصلاة والدعاء وقراءة القرآن، والرضا والصبر لقوله تعالى: ((وَاسءتَعِينُواء بِالصَّبءرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الءخَاشِعِينَ)) (البقرة: 45). ولابد من معاملة الطفل السكري كباقي إخوانه فلا داعي للتدليل مطلقًا، لأن التدليل قد يفسده، ويجعله كثير الاعتماد على غيره، بل وأنانيا في بعض الأحيان، وأحيان أخرى متسلطا لا ينفذ أمرا إلا إذا حصل على مكافأة معينة، وقد يستغل مرضه في التملص من أداء الواجبات المقررة عليه. ويجب تعليم الطفل كيفية الاعتماد على نفسه في أداء الأعمال وتناول العلاجات اللازمة، وتحديد أوقاتها وجرعاتها المناسبة، والتعايش الجيد مع المرض. ولابد كذلك من إبلاغ المدرسة بحالة الطفل المصاب بالسكري وكيفية التعامل معه، وإعطاء المعلمين الخطاب الذي يفيد إصابته بالسكري، حتى يتم التعامل الجيد مع المواقف الحرجة التي قد تطرأ على الطفل مثل حالات الارتفاع أو الانخفاض، أو أية أعراض أخرى، كما يجب الاحتفاظ بالعلاجات المستخدمة في السيطرة على انخفاض أو ارتفاع السكر بالدم. @ @معلمة سكري (المركز الجامعي للسكري -جامعة الملك سعود)