أكد اقتصاديون أن الوقت ما يزال مبكرا لاتخاذ أي إجراءات لإنقاذ العملات المرتبطة حاليا بالدولار الذي يتوقع له المزيد من الهبوط في المستقبل. وقالوا ل"الرياض" إن الأزمة المالية التي يمر بها العالم جعلت الرؤيا غير واضحة لاتخاذ القرارات المناسبة فيما يتعلق بإنقاذ العملات المرتبطة بالدولار ومنها الريال السعودي. واستبعدوا فكرة تعويم الريال أو ربطه بسلة عملات في الوقت الحالي لان ذلك سيشجع على المضاربة ويتطلب مراقبة دائمة ومستمرة واحتياطيات ضخمة لإيجاد توازن لسعر صرفه. وأشاروا إلى أن الحلول الحقيقية للأزمة الحالية لن تنجح إلا بإعادة ترتيب النظام النقدي العالمي وتحييد سيطرة الدولار الضعيف. في البداية يشير عضو مجلس الشورى الدكتور إحسان بوحليقة إلى أهمية التفكير حاليا في كيفية إنقاذ العملات المرتبطة بالدولار لان المؤشرات تؤكد تراجعه في المستقبل رغم القوة التي يتمتع بها بين الحين والآخر، لان خطة الإنقاذ المقترحة تحتاج إلى المزيد من طباعة الدولار مما يرفع المعروض في الأسواق العالمية وبالتالي تؤثر سلبا على قيمته. وأضاف أن على الدول التي ترتبط عملاتها بالدولار عدم الاستعجال في اتخاذ القرارات حتى تتضح الصورة بشكل كامل، فقد تظهر ترتيبات معينة تتفق عليها الاقتصاديات الكبيرة في العالم ويتبناها صندوق النقد الدولي، وبناء عليها يمكن اتخاذ القرارات الصائبة في تقرير مصير العملات المرتبطة بالدولار. ويؤكد بوحليقة حدوث متغيرات كثيرة بعد الأزمة المالية تعيق اتخاذ أي قرارات في الوقت الحالي على مستوى الأفراد والشركات والحكومات، فتوقعات الاقتصاديين متضاربة ومتباينة في الوقت الحالي بين ركود في الاقتصاد وانخفاض في الأسعار وبين توقعات بتجاوز هذه الأزمة سريعا وعودة النشاط من جديد لجميع القطاعات. واستبعد بوحليقة فكرة فك الريال عن الدولار في الوقت الحالي، ولكن الشكل الجديد للنظام الاقتصادي العالمي سيحدد مصير العملات المرتبطة بالدولار ومنها الريال السعودي، حيث تدور الان تساؤلات عديدة عن هيكلة النظام الجديد والأدوار التي سيلعبها واحتمالية ظهور مؤسسات جديدة، وكما نعرف أن الجهات الرقابية المحلية في بعض الدول لم تستطع القيام بدورها الرقابي الصحيح، مما قد تظهر اتفاقيات على وجود رقابة إقليمية أو دولية على الأسواق المالية. وتوقع بوحليقة أن يستمر الدولار كعملة رئيسية في العالم لان الاقتصاد الأمريكي ما زال هو الأكبر والأقوى رغم تعرضه للأزمة المالية الأخيرة،كما أن نجاح أوباما في انتخابات الرئاسة الأمريكية رفع حجم التفاؤل في أسواق العالم. ويرى المستشار الاقتصادي الدكتور خالد البسام أن ارتباط العملات بالدولار ومنها الريال السعودي يعد نظاما من أنظمة سعر الصرف، وفصل تلك العملات عن الدولار بدعوى إنقاذها من خلال تعويمها سيخضعها للعرض والطلب ومن ثم المضاربة فيها مما يعني ضمنيا المراقبة الدقيقة والدائمة من قبل البنوك المركزية التي تتبع لها تلك العملات لأسعار صرفها، كما يجب أن يكون لدى تلك الدول احتياطي كبير من العملات الأجنبية لمواجهة انخفاض أو ارتفاع تلك العملات مقابل المحافظة على توازن سعر الصرف، لذلك من الصعب التفكير في تعويم العملات المرتبطة بالدولار في المرحلة الحالية لعدم وضوح الرؤيا فقد تؤدي الأزمة الحالية إلى ركود اقتصادي أو كساد. وأضاف أن تعويم الريال السعودي تحديدا ليس من صالحه في الوقت الحالي لحاجته إلى مراقبة دقيقة ودائمة وتجميد احتياطيات أجنبية للتدخل في السوق بالإضافة إلى أن حجم الريال السعودي للسيولة العالمية 800ر% وهو حجم قليل جدا ولا يذكر، وقد يكون ربط الريال السعودي بسلة عملات مجدية له غير أن الرؤيا حول مستقبل الاقتصاد العالمي والأمريكي لم تتضح حتى الان، كما أن تخلص الريال السعودي من الدولار وربطه بعملة أخرى يتطلب احتياطيات كثيرة من الريال تتجاوز ألف تريليون. وأضاف البسام أن حجم الاقتصاد السعودي صغير جدا بالنسبة للعالم، كما أن التبادل التجاري بين المملكة ودول العالم متواضع إذا استثنينا النفط المقوم بالدولار وليس بالريال، مما ينعكس سلبا على تعويم الريال، كما أن المملكة مرتبطة حاليا بإصدار عملة خليجية موحدة وعند خروجها يجب على دول مجلس التعاون الخليجي تكوين سلة عملات لربطها بها. ويشير أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور علي دقاق أن الأزمة لم تعد بين العملات المرتبطة بالدولار أو بين الريال والدولار، بل انتقلت لتصبح بين اقتصاد لديه فائض واقتصاد مدين، فالاقتصاد الأمريكي مدين وقد يفلس، وهذا ما جعل الجدل يأخذ منحى جديدا، فقد كان ربط سعر صرف الريال بالدولار مبنيا على قوته، لكنه الان يمر بمرحلة صعبة رغم بعض الارتفاعات التي تعود إلى أسباب سياسية وليست اقتصادية، فلم يعد هناك ما يدعم الدولار اقتصاديا. وأضاف دقاق أن المطالب كانت تصب في ربط الريال بعملة مغطاة باقتصاد قوي أو مغطاة بالذهب، ولكن بعد الأزمة المالية الأخيرة أصبحت الصورة غير واضحة المعالم لذلك فان صعوبة اتخاذ القرارات تبدو الان أكبر من السابق لأنها تحتاج إلى إدخال متغيرات جديدة، ولا احد في الوقت الحالي يملك رؤيا واضحة تمكنه من اتخاذ القرار السليم،فالأزمة خرجت عن السيطرة والشفافية أصبحت مسألة حساسة، وهذا ما جعل علاقة العملات مع بعضها أكثر صعوبة، مما تسبب في هدوء نسبي لتجارة العملات. وأكد دقاق أن الحلول الحقيقية للأزمة الحالية لن تنجح إلا بإعادة ترتيب النظام النقدي العالمي وتحييد سيطرة الدولار الضعيف. وتوقع دقاق أن تظهر عملة قوية بديلة للدولار لتكون مرجعية، مرشحا عملة الصين أو حدوث اندماجات جديدة تظهر من خلالها عملة جديدة كالعملة الخليجية أو عملة النافتا التي تمثل الولاياتالمتحدة مع كندا والمكسيك.