تابع العالم نتائج الانتخابات الأمريكية بحماس شديد، فالتجربة التي مرّت كانت متفردة في كون المنافسة بين رجلين (أسود) و(أبيض).. ربما لم يهتم الكثير للفارق بين الحزب الجمهوري والديمقراطي لكنهم اهتموا وبلا شك لمعنى أن يقود أمريكا رجل أسود اللون في بلد تاجر في ماضيه بالبشر وباعهم واشتراهم. فاز أوباما.. فتوالت المقالات التي تحفل بفوزه بوجهات نظر مختلفة ومتباينة، احتفى الكثيرون بالديموقراطية الأمريكية التي أوصلت الرجل الأسود إلى الرئاسة، بالغ البعض في فرحه واستبشر كثيراً بالرجل، بينما صمت الكثيرون بانتظار عهد الرجل الجديد!. الغريب حقاً أننا احتفينا بهذا النجاح وكأنه الأول في تاريخ البشرية وتجاهلنا تاريخنا الخاص، شخصياً أصفق وكثيراً للتجربة الحيّة والإنسانية التي احتضنتها أمريكا، أصفق لأوباما كرمز للسود والمشردين والذين احتضنتهم الظروف القاسية ومع هذا (وصلوا لما يريدون)، لكني أبداً لا أنسى أن تاريخنا مليء بالتجارب النيّرة والمتفردة في ولاية السود على البيض؛ فغياب قيم عظيمة في واقعنا العربي اليوم لايسوّغ لنا رمي ثقافتنا بالنقص في قضية المساواة بين البشر، لقد قامت ثقافتنا على (احترم الإنسان بغض النظر عن جنسه) وأن (الناس سواسية كأسنان المشط) ولهذا قال عُمر بن الخطاب للناس: "لو كان سالم حيّا لوليته عليكم"!. لم يكن سالم شريفاً من أشراف قريش بل كان (إنساناً/مملوكاً لأحد الصحابة) لم يمنعه رقه من أن يبدي وجهة نظره ويواجه (وحده) خالد بن الوليد في إحدى المعارك ويناقشه في أحد الأخطاء.. نعم (سنحتفي) بتجربة أوباما.. وبتجارب الأحرار في العالم.. لأننا أول من آمن بحرية الإنسان وأن لا فضل ولا تمايز بين الناس فكلنا (بشر)..