باتفاق الجميع كانت دورة كأس الخليج السابعة عشر والتي اختتمت في العاصمة القطرية الدوحة يوم الجمعة الماضية أفضل البطولات منذ الانطلاقة الأولى في البحرين عام 1970 سواء من الناحية الفنية أو التنظيمية والنواحي الأخرى كالنقل التلفزيوني والمتابعة الإعلامية الضخمة. تنظيم 100٪ بكوادر قطرية شابة قدم الأشقاء في الدوحة أسلوبا تنظيمياً رائعاً ومتكاملاً في تنظيم الدورة فالخدمة لم تقتصر على أعضاء الوفود الرسمية وكبار المدعوين بل حتى المشجع العادي الذي كان يدخل إلى قطر سيجد كل الطرق الموصلة إلى الملعب ميسرة ومنظمة بما فيها تقسيم مدرجات الملاعب بين المنتخبات بطريقة عادلة. أما حين نتحدث عن خدمة الإعلاميين فأقل وصف هو » خدمة خمس نجوم » بما فيها طريقة توزيع المراكز الإعلامية وتوفير باصات فاخرة للتنقل فيما بينها على مدار الساعة وكذلك اسلوب توزيع المؤتمرات الصحفية قبل وبعد المباريات بطريقة منظمة ومتكاملة، لن أتحدث كثيراً عن المراكز الإعلامية التي لم يسبق أن عملت في أي بطولة أقيمت على أرض عربية فعلى سبيل المثال يبرز المركز الإعلامي الرئيسي في فندق الشيراتون ليعيد إلى الأذهان المراكز التي نشاهدها في البطولات العالمية الكبرى في كأس العالم أو في الأولمبياد من حيث وفرة أجهزة الكمبيوتر الموصلة باتصال سريع بالانترنت وتوفر أجهزة الفاكس، ولعل مايزيد التنظيم توهجاً تولي الشباب القطريين مهام العمل في تلك المراكز وانضباطهم في التواجد وتقديم الخدمات بكل أريحية ورحابة صدر. تمارين بروح مختلفة على غير مايتردد في الشارع الرياضي حول غياب التفاهم بين لاعبي المنتخب ووجود خلافات غير معلنة بين اللاعبين وهو أمر ليس بصحيح إطلاقاً بالمقارنة مع بقية المنتخبات فالعلاقة بين لاعبي المنتخب على الرغم من اختلاف انديتهم مقربة جداً ودائماً مايكثر المزاح والتنافس في المسابقات اللياقية خلال التمارين وخصوصاً بين نور والدعيع وخميس، ويبرز محمد نور كأكثر اللاعبين حباً لإضفاء طابع التنافس في التمرين ومحاولة تنفيذ تحديات جانبية بينهم وبين بقية اللاعبين قبل انطلاقة التمارين كتسديد ضربات الجزاء وغيرها، بل حتى الأحاديث الجانبية للاعبين قبل مباراة الكويت كانت تتسم بروح الحماس والتحدي والرغبة الجامحة بتحقيق نتيجة ايجابية ولكن ذلك يتلاشى - للأسف - مع اطلاق حكم اللقاء صافرة البداية! عمان بطل غير متوج ليس إقلالاً من الكأس الذي كسبه المنتخب القطري بكل جدارة واستحقاق، إلا أن الجميع وقف تقديراً واحتراماً لأداء المنتخب العماني المتطور في كل مبارياته بالبطولة على الرغم من صغر معدل أعمار لاعبيه وحداثة مشاركتهم في المباريات الدولية إلا أنه بالتكتيك المناسب الذي استطاع ماتشالا رسمه لأداء اللاعبين والأداء القتالي والروح العالية التي تحلى بها نجوم عمان أجبرت جميع المتابعين على الوقوف احتراماً للعطاء العماني حتى آخر دقيقة في لقاء النهائي، قد يكون من سوء حظ الأشقاء في عمان عدم وجود مشاركات قادمة للمنتخب بعد خروجهم من تصفيات كأس العالم ولذلك من الظلم أن يبقى الفريق الذهبي الحالي دون مشاركات دولية خلال العامين القادمين ويجب على الاتحاد العماني لكرة القدم محاولة الاستمرار في المشاركة بالبطولات الودية الدولية التي تقام بين الحين والآخر حتى لا يفقد العمانيون هذا التوهج في منتخب بلادهم والذي استغرق الوصول إليه أكثر من ثلاث سنوات. ماتشالا ومراحل البناء بمناسبة الحديث عن المدرب التشيكي ميلان ماتشالا حاولت الوصول إليه في مقر إقامته بفندق الأنتر للإجابة على سؤال (لماذا لم يحقق مثل هذا النجاح حين درب الأخضر)، كانت إجابة ماتشالا واقعية تماماً حين قال بأن الفترة التي قاد فيها المنتخب السعودي كانت أكثر الفترات جرأة في تاريخ المنتخب حينما جدد أكثر من 80٪ من الطاقم الأساسي بلاعبين شباب وتفاوتت النتائج حين ذاك بين الفوز والخسارة لكن والحديث هنا لماتشالا (السعوديون تسحرهم البطولات) حيث قال بأن المنتخب حين يشارك يكون مجبراً من الجميع على تحقيق الكأس وهذا يتنافى مع تخطيط أي مدرب يرغب في البناء وتكوين فريق جديد، وأكد بأن عدم طلب العمانيين لتحقيق بطولات أوصلهم في النهاية إلى بناء المنتخب الذهبي (رغم أنه لم يصل للذهب بعد)!. إدارة الأخضر غير بلا أدنى مقارنة مع المنتخبات الأخرى كان المنتخب السعودي كما يصفه زميل صحفي عراقي بأنه يشبه حال المنتخبات الأوروبية بانضباط لاعبيه وتحركات البعثة بشكل عام وتعاون إدارته مع الإعلاميين وحتى مع الجمهور السعودي، من المواقف التي حدثت قبل بداية تمرين المنتخب الكويتي أن المنسق القطري المتواجد مع بعثة المنتخب السعودي كان يعد العدة لتحريك الباص الخاص باللاعبين والآخر الخاص بالإعلاميين إلى نادي الوكرة لأداء التمرين على خلاف ماهو مكتوب في الجدول المخصص، المنسق اتفق مع مسؤولي نادي الوكرة على موعد وصول الباص وحينما نزل مدير المنتخب فهد المصيبيح بادرته بالسؤال عن مقر التمرين فقال بأنه في نادي العربي من الساعة 5,30 إلى 7,30 وبعد غد في نادي كذا ويليه نادي كذا (كان يحفظ جدول التمارين) واستدرك الأمر حينها مع المنسق المنصور رغم أن المنسق كان يحمل ملفاً يتضمن الجداول ومواعيد التمارين. إعلام بتقنية حديثة بلا فخر كان الوفد الإعلامي السعودي أكثر من يستخدم وسائل التقنية الحديثة في نقل الخبر والصورة بالمقارنة مع الوفود الإعلامية الآخرى التي مازالت تعتمد على الاسلوب الصحفي التقليدي، تقريباً 70٪ من الصحفيين السعوديين كانوا يحملون أجهزة كمبيوتر محمولة على الدوام في كتف مع كاميرا رقمية في الكتف الأخرى وتماشى ذلك مع الدعم القطري لبث الانترنت (لاسلكياً) في الملاعب والمراكز الإعلامية وهو ماسهل كثيراً من المهام. على الجانب الآخر كان البعض منهم مختفياً بحجة البحث عن أخبار في المراكز الإعلامية الأخرى.. بل أن هناك من لم يحضر تدريباً واحداً للمنتخب طوال البطولة مكتفين بأخذ الأخبار من الزملاء الآخرين أو من المنسق الإعلامي وفي حال لم يستطيعوا جلب أخبار مميزة فلا يوجد أسهل من (الفبركة) والقارئ الكريم من المؤكد بأنه اطلع على جانب منها في وسائل الإعلام المختلفة. في يوم افتتاح الدورة كان المنتخب يؤدي تمرينه الأخير قبل لقاء الكويت وقد فضل غالبية الزملاء حضور الحفل الافتتاحي دون تغطية التمرين الذي لم يحضره أي صحفي - سوى كاتب هذه الأسطر -، غني عن القول بأن بعض الزملاء الذين أعجبهم الحفل وبقوا لمشاهدة المباراتين لم يكلفوا أنفسهم كتابة أي أسطر حول التمرين منوهين بأن المدرب طلب من الإدارة إغلاقه في وجوه الإعلاميين! التويجري وجهد جبار في ختام هذه الأوراق المتواضعة يجب الإشارة إلى أحد الجنود المجهولين في بعثة المنتخب السعودي ألا وهو المنسق الإعلامي محمد التويجري والذي كان بحق على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقه وكان خير داعم للزملاء الإعلاميين في البطولة وبتواصل طوال ال 24 ساعة لتأكيد أي خبر أو نفيه أو حتى أحياناً تسهيله للإجراءات المطولة مثل استخراج البطاقات وغيرها من الأمور التنظيمية الأخرى. [email protected]