لا تزال مرجعية الوحدات المفروشة في مدننا تتجاذبها أطراف عدة أول تجارته أرجعوها الى إدارة الفنادق في وزارة التجارة، وفي السنين الأخيرة أدلى الدفاع المدني بدلوه (سلامة وأمنا فقط) ثم جعلوا التجارة حكما في الخصام الناشىء بين عميل ومالك الوحدة المفروشة، واظن الأمر لا يزال في المسار الحائر، لأن موضوع الوحدات المفروشة نشاط جديد على أهل البلد. كانوا في منطقة الحجاز يستفيدون من المواسم، حج، عمرة زيارة، اصطياف (منطقة الطائف)، ولم يكن الأمر يحتاج الى مراجعة أحد، فالدلال يسلم المفتاح للقادم الجديد، ويستلم ما اتفق عليه من مقدم (كروة) والبيت فارغ من كل شيء إلا - ربما - من زير ماء، أو ما شابهه. حتى الفنادق وخدماتها لم تعرفها نجد إلاّ في وقت متأخر (نهايات الخمسينات الميلادية ؟) كلمة فندق أخذناها من اللغة اليونانية pandhokiyon ويقابلها بالفصحى - نُزل، وجاءت إلى الشرق حديثاً وخصوصاً عند العرب حيث كانت الاستضافة المجانية هي المألوفة. حتى إنّ تابع الضيف أو رفيقه يُسمّى في اللغة الفصحى "ضَيفن". قال المتنبي: لُعنت مقارنةُ اللئيم فإنها ضيف يجرّ من النّدامة ضَيفَنا وفي الشرح، الضيفن: تابع الضيف كالخادم أو المرافق. وتمسكت مدن الغرب بأسماء بعض الشخصيات التاريخية في العلم والأدب والسياسة والفروسية، فأعطت أسماءَ تُضفي على فنادقها رونقاً خاصاً بها، وإبرازاً وجذباً للنازل يستوحي منه روح ذلك العصر. وحاولت أن تستبعد أسماء سلسلة الفنادق الشهيرة التي جاءت حديثاً إلى تجارة الضيافة والسياحة. واحتفظت بعضُ الفنادق القديمة في مدن أوروبا في كل شيء يوحي بالتراث والقِدَم، حتى مرابط الخيول ورحابة بهو الاستقبال وصالات الحفلات، ولاتزال تلك الفنادق مراكز هامة للاستقطاب الاجتماعي، حتى ان الحجز للغرف أو لأي من الخدمات المتاحة يتطلب إشعاراً وانتظاراً طويلين . ونزلتُ في فندق في بريطانيا، وكان الوقت شتاءً، وعلى الباب قرأنا لوحة كبيرة. تقول LOG FIRE أي نار حطب، تتقد كل يوم الساعة الرابعة مساء (وقت عودة الضيوف من الأعمال)، وعند اشتداد لسع زمهرير الشتاء، وهي دعاية تجعل الضيف يحن الى الماضي.