نشطت الصحف المصرية بعد عيد الفطر في متابعة التحقيقات التي أجراها الأمن ضد بعض الشباب في حدود اثنين وثلاثين شاباً تعرضوا لنساء عابرات في شارع جامعة الدول العربية بما وصف أنه تحرش جنسي.. ثلاثون أو مئة لا شيء بالنسبة لعاصمة يقدر الجميع سكانها فوق العشرة ملايين.. ما حدث هو حالة عابرة، وذات طابع شخصي، وموقعها المحدود يعني أن المتأثر بها - رافضاً أو قابلاً - هو من كان يتواجد هناك.. لكن ماذا نقول عن مغريات ومحرضات التحرش الجنسي بل ممارسته على أنه فضيلة فنية.. ليس على مستوى مصر، ولكن على مستوى العالم العربي كله بل هو خارج مصر وفضائياً بالذات أسوأ بكثير.. فليس هناك قنوات محددة بوطن ولا يشاهدها إلا مواطنو الوطن نفسه.. أبداً، يختلط الحابل بالنابل ومعظم القنوات الفضائية على وجه الخصوص تفعل ذلك بغض النظر من أين يكون إرسالها.. مجلة "آخر ساعة" المصرية تناولت جانباً من هذا الموضوع يخص أحد المطربين المصريين فوصفته بأنه يروج التحرش الجنسي.. هذا صحيح.. لكن ليس وحده فمعظم مطربي اليوم من أي مكان عربي ليسوا مؤهلين في قدرات أصواتهم لأن يؤدوا غناءً جاذباً للمشاهد أو المستمع.. الأستاذ المرحوم كمال النجمي في كتابه عن الغناء المصري يتحدث عن الأصوات النقية والأصوات التي أوجدها الميكرفون.. فيوضح أن أم كلثوم لم تكن في حاجة إلى الميكرفون وقبلها منيرة المهدية ومثلهما مطربو الأمس مثل سيد درويش أو محمد عبدالوهاب.. لكن الذين أتوا فيما بعد لولا الميكرفون لما استطاع مستمع على بعد عشرين متراً أن يستمع إليهم.. الآن ليست المشكلة في توجيه التهمة للميكرفون بأنه روّج لأصوات ليست لها قدرات فنية بأن تعطي أصعب الألحان المستوى الفني أداء لها، ولكن أصبحت المشكلة بأن العرض الجنسي المتهتك جداً سواء غنته مطربته إن لم تعرِّ جسدها فهي تكشف الأكثر إثارة فنية، أو غناه مئات من المطربين هم في الأساس رغم شهرة بعضهم العريضة غير مؤهلين للأداء الفني، لكن حشد عشرات من الراقصات المثيرات الملابس والأداء هو ما أعطاهم الشهرة وغرّر بالبنات المتفرجات لأن يصعدن لمسرح الغناء ويعانقن المطرب.. هل هناك تحريض جنسي أكثر من هذا؟.. وهو في الأساس عرض تجاري يكسب منه المطرب وصاحب المسرح أو منظم الحفل في أي دولة عربية على حساب قيم المجتمع وأخلاقياته..! الصحف لن تقدم ولن تؤخر هنا، أو هناك.. لكن موقفاً عربياً موحداً يعلن عقوبات صارمة ويمنع تجاوزات فاضحة هو الحل الوحيد لردع أسوأ فئة تاجرت بالأخلاقيات وحولت التحرش إلى فن.. إن مسؤولي القضاء والإعلام والأمن يجب أن يتوحدوا لمواجهة هذا الإسفاف.. إن لحظة تأمل وليست ساعة في نوعية تكوين المطرب الذي يروّج نفسه بأنثويات إضافية هو في مؤهلاته عاجز عن أداء وظيفة حارس عمارة أو سائق سيارة أجرة، لكي تثنّي الجسد يختلف كثيراً عن قوة الساعد..