ما تصرفه الولاياتالمتحدة من الأموال خلال أسبوعين فقط على احتلالها العراق يفوق ما تصرفه على احتلالها لأفغانستان لمدة سبع سنوات كاملة، وإذا كان ذلك يمكن فهمه في مراحل الاقتصاد الاعتيادية، فإن ما لا يمكن فهمه هو حدوث ذلك في مراحل الأزمات الاقتصادية؛ مثل ما تعيشه الولاياتالمتحدةالأمريكية هذه الأيام. وبصرف النظر عن الأحاديث والتصريحات ذات الطابع الانتخابي التي تدعو للانسحاب من العراق، فإن اطلاع الرئيس الجديد على ملف القضية العراقية بكل تفاصيلها وأهدافها الاستراتيجية سوف يجعل الوعود الانتخابية تبقى وعوداً انتخابية ليست قابلة للتطبيق بالشكل السريع. يكاد يكون العراق من الدول المهمة على المستوى الاستراتيجي الذي يجعل أوراق الولاياتالمتحدةالأمريكية أكثر قدرة وقوة على الساحة الدولية من الناحية الاقتصادية والاستراتيجية، إلا أن مأزقها يكمن في أن حلفاءها الأكراد يعتبرون غير مؤثرين وتطوقهم المشاكل والتحديات الداخلية والخارجية، بل إن حلفاء الولاياتالمتحدة في العراق داخل الحكومة هم أقرب إلى إيران منها إلى الولاياتالمتحدة، فهم يستخدمون الولاياتالمتحدةالأمريكية بذكاء وحنكة مستغلين تركيز السياسة الخارجية الأمريكية في العراق على إعطائهم الأماني والوعود لاستمالتهم. بينما كان الفريق الأكثر قرباً للولايات المتحدةالأمريكية على المستوى النظري هم من تصادمت معهم السياسة الأمريكية وأعطتهم دوراً هامشياً في العراق اليوم. إن أهمية العراق والاستراتيجية وصعوبة مناخه السياسي سوف تجعل السياسة الأمريكية غير قادرة على التقدم ولا على التأخر، خوفاً من الهزيمة من جانب، وعدم القدرة على الفوز الكاسح من جانب آخر.. ولذلك يجب أن تتميز السياسة للعالم المحيط بالعراق بطول النفس وانتظار التفاحة للنضوج أكثر.