تواصلت تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية التي انطلقت شرارتها من تأثر الاقتصاد الأمريكي بأزمة الرهن العقاري، ثم تداعى التأثير على الكثير من القطاعات الاقتصادية، ويعد قطاع السياحة احد القطاعات التي سينالها جانب من هذا التأثير، إلا أنه لن سيظل منتعشاً خاصة في المنطقة العربية وعلى مستوى الخليج، ووفقاً لرأي احد المطلعين في الشأن السياحي فإن مثل هذه الأزمات لا تضرب السياحية بقدر التأثير الذي تحدثه الحروب الإقليمية وعمليات الإرهاب الكبيرة، مستشهداً في هذا الصدد بتأثير حرب الخليج الثانية على السياحة في كل دول العالم، وكذلك تأثير تفجيرات سبتمبر الشهيرة في أمريكا بالعام 2001.بينما أكدت منظمة السياحة العربية وعلى لسان المسئول الأول فيها وجود نوع من التأثير السلبي على صناعة السياحة العربية والعالمية وفقا لتداعيات الأزمة الاقتصادية على كل القطاعات، وفي كل دول العالم سواء مصدرة للعدد الأكبر من السياح أو أنها تعرف باستقبال أفواج كبيرة من الوفود السياحية. إدارة الأزمة السياحة بداية يقول الدكتور بندر بن فهد آل فهيد رئيس منظمة السياحة العربية "إن تداعيات الأزمة الاقتصادية التي يمر بها الاقتصاد العالمي ابتداءً من أسواق أمريكا مروراً بالأسواق الأوربية والآسيوية وانتهاء بمنطقة الشرق الأوسط والخليج حتما سيكون لها تأثير سلبي على كافة الأصعدة والمستويات والصناعات ومنها صناعة السياحة. وأضاف رئيس المنظمة "برأينا أن المنطقة ككل ستشهد تباطؤاً في الحركة السياحية من وإلى أسواق جميع دول الشرق الأوسط، خاصة من سواح ووفود البلدان الأمريكية والأوربية إلى الدول التي اعتمدت أساساً هذه الأسواق كمصدر رئيسي لسياحتها، وقد يظهر هذا التأثير السلبي ابتداء من مطلع العام القادم، وكما أن نسب التباطؤ ستتفاوت بالواجهات السياحية في دول الشرق الأوسط حسب الكفاءة التي ستقوم بها الإدارات السياحية بإدارة دفة السياحة لمواجهة هذه الأزمة العالمية، ومن ثم العمل على اعتماد استراتيجيات تسويق جديدة في مقاصد أخرى والتي كانت أقل تضرراً بالأزمة الاقتصادية العالمية. وطالب آل فهيد في هذا الصدد بضرورة التشديد على التركيز على تنمية السياحة البينية العربية التي طالما اعتبرتها المنظمة العربية للسياحة صمام أمان الأزمات بالشرق الأوسط. وأكد على أن منظمة العربية للسياحة أول من حذرت من تداعيات هذه الأزمة من خلال اقتراح إنشاء فريق عمل لإدارة الأزمات ومن خلال المجلس الوزاري العربي للسياحة والذي انعقد في الأردن في شهر مايو الماضي من العام 2007.وقال آل فهيد لعل مثل هذه الأزمة تحرك جانباً إيجابياً للسياحة العربية يتمثل في تفعيل السياحة بين الشعوب العربية، وكذلك تكوين فريق عمل يعمل على تجاوز الأزمة بأقل الخسائر بالنسبة للقطاعات السياحية وحتى لا تتأثر الدول التي تعتمد على العوائد السياحية بشكل أساسي. السياحة لن تضرب من جانبه قال عبد الرحمن الصانع نائب رئيس مجلس لجنة الفنادق في الغرفة التجارية الصناعية في الرياض "إن السياحة لن تتأثر بسبب أزمة المصارف العالمية التي أثرت على كثير من الجوانب الاقتصادية، فما يسبب الأثر السلبي الكبير على الحركة السياحية في العالم هو الأعمال الإرهابية الكبيرة والحروب الإقليمية، وأكبر دليل على ذلك ما حدث بعد دخول العراق للكويت وما سببه ذلك من تداعيات أثرت على العالم، وضربت السياحة على مدى عامين أو أكثر، وكذلك ما حدث قبل ثمان سنوات من تفجيرات ضخمة في أمريكا تسببت في شلل لحركة الطيران والفنادق، بل وسببت إفلاساً لشركات طيران صغيرة تعتمد على السياحة بالدرجة الأولى، وكذلك أثرت على منشآت سياحية وسببت تسريح مئات الموظفين في العالم، وعلى سبيل المثال فإن منتجعات سياحية عرضت غرفها الفندقية بسعر رمزي في حدود 10دولار في الليلة والواحدة في فترة العمل الإرهابي الذي حدث بمدينة الأقصر المصرية، وذلك حتى تغطي ولو جزءاً من تكاليف الصيانة ورواتب العمالة، واحتاجت المدن المصرية في حينها لشهور حتى تسترد عافيتها سياحياً بالرغم من انه حدث إرهابي لا يقارن بأحداث مماثلة وقعت في اندونيسيا أو اسبانيا وحتى في بريطانيا. وأضاف الصانع "ولكن مثل هذه الأزمة الحالية لها جوانب جيدة تتعلق بانخفاض أسعار تذاكر الطيران في كل العالم وخاصة مع عودة أسعار البترول للانخفاض بعد أن كانت عشرات من شركات الطيران قد فرضت ضريبة وقود على كل الوجهات لمختلف مدن العالم، فمن المؤكد أنها سوف تلغيها بل وسوف يكون هناك عروض للسفر خاصة من الدول المصدرة للسياح إلى وجهات معروفة بالسياحة سواء في الشرق الأوسط أو في أوربا وآسيا، وسيظهر هذا ذلك من خلال فترة السياحة الشتوية للدول المعتدلة في أجوائها مثل مصر وبعض دول آسيا. وبالنسبة للداخل فالحركة السياحية للمملكة لا تعتمد بشكل كبير على السياح الأجانب وخاصة من الدول غير الإسلامية مثل دول أوربا وأمريكا وهي أكثر من تأثر بالأزمة الحالية، كما أن الحركة الداخلية في أوقات الإجازات المقبلة ستبقى في المستويات المعقولة بسبب أن التأثير طال حتى الآن مستثمري البورصة، والخسائر في هذا سوق سبق أن حدثت في بداية عام 2006م، ولم تتأثر بالشكل الواضح على حركة السفر والسياحة الداخلية.