لعل من يمن الطالع والتقاء السعادتين واقتران السعدين أن يكون هذا اللقاء الكريم في الجامعة العتيدة جامعة أم القرى التي جمعت الأصالة والعراقة والتاريخ المشرق، حيث فازت بقصب السبق والريادة والتأثير، حيث تخرج فيها عمالقة الرجال من العلماء والأدباء والمفكرين، والذين تبوأوا الصدارة والريادة والقيادة في شتى جوانب الحياة في بلادنا، وفي مقدمتهم الشيخ محمد بن إبراهيم الجبير، والشيخ عثمان بن ابراهيم الحقيل، ومحمد بن عبدالعزيز الربيعة، والشيخ عبدالعزيز إبراهيم الهويش، والشيخ حسن بن عبدالله آل الشيخ، والشيخ صالح بن عبدالرحمن الحصين والشيخ صالح بن عبدالله بن حميد وغيرهم كثير، ونحن في هذا اليوم المبارك نستقبل صاحب السمو الملكي الأمير الجليل وزير الداخلية، فنرحب به أجمل ترحيب، ونتذكر قول الأستاذ أحمد حسن الزيات: رجلان يربكان المتحدث عنهما رجل لاتجد ما تقوله عنه، ورجل لاتستطيع أن تختصر كل ما تعرفه عنه، وإطلاق الرجولة على الأول خطأ في اللغة، ووصف الثاني في الرجولة قصور في التعبير. فسمو الأمير نايف هل نتحدث عن سمو أخلاقه أم نفاذ بصيرته أم سداد رأيه أم براعته في حفظ الأمن أم عنايته بالمواطن، ولاريب أن عظمة الحاكم تتجلى في قدرته على دفع الشر عن مواطنيه، وتحقيق الخير لهم فهذا هو سمو الأمير نايف الذي جمع الله له كل معاني السمو والترقي والتمسك بالقيم، والذي استخلفه الله لتحقيق الأمن وحماية المواطن، وقد اجتمع لسموه كل الصفات الجليلة فهو أمير الأمن وأمير السنة النبوية، الذي يسير بنور الوحي ونور العقل، والذي اجتمع له شرف المكان وسمو المكانة، وميراث النبوة الخاتمة في أرض الحرمين الشريفين بعيق التاريخ المشرق، وألق الحاضر الواعد، وأمل الغد الماتع المتألق. يطيب لي أن أرفع إلى مقام سموكم الكريم أسمى آيات الولاء، وأعطر باقات الحب والتقدير، لما بذلتموه وتبذلونه من رعاية قصوى لحقل السنة النبوية الشريفة، وآفاق الدراسات الإسلامية المعاصرة. ولا أدل على عنايتكم الفائقة ورعايتكم السامقة من أن الجائزة السنية بدأت واحدة ثم إذا بها تغدو ثلاث جوائز: الأولى: جائزة نايف بن عبدالعزيز آل سعود العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية. والثانية: جائزة نايف بن عبدالعزيز آل سعود التقديرية لخدمة السنة النبوية. والثالثة: مسابقة الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود لحفظ الحديث النبوي. ولئن دل هذا على شيء، فإنما يدل على أنكم ياسمو الأمير ترعون نهضة علمية بل عالمية تتيحون فيها لكل ذي طاقة علمية أن يهتدى بنفسه إلى المراجع الأصلية للإسلام في نقاوته، وللسنة النبوية في نضارتها، ولعلوم القرآن في نصاعتها، ليقف الجميع - مسلمين وغير مسلمين - على سماحة الإسلام، ووسطية مبادئه، وصفاء عقيدته، وكيف أن رسالته ليست إلا رحمة للعالمين، بعث بها أنبياء الله ورسله حتى ختموا بالنبي الأمين محمد صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين. وأحسب أن جائزة سمو كم في مجالاتها الثلاثة سوف يغدو بها المسلم في مجتمعه خير مثال للمؤمن الذي يأمنه الناس على دمائهم وأموالهم وأعراضهم، وللمسلم الذي يسلم الناس من لسانه ويده، وللمهاجر الذي يهجر مانهى الله ورسوله عنه ليكون نعم العون على امن المجتمع وسلامه، وليعرف كيف يتفوق في العلم، ويتفرغ للبحث، وكيف يتعامل داخل مجتمعه وخارجه بالرفق والسماحة والعدل والمرحمة. أما غير المسلمين فحسبهم من الجائزة أن أتاحت لهم بسماحتها فرصة التسابق في مجالاتها ليقفوا بأنفسهم على مبادئ الإسلام وحقائقة الناصعة، وأنه دين الأمن الفكري دون إكراه إذ لا إكراه في الدين ولاتطرف أو غلو أو أرهاب. واحسب أنهم سيكونون - حينئذ- من المنصفين للإسلام عن بينة، أو المدافعين عن الحق عن بصيرة، وحسب الجائزة أن يكون من ثمراتها أن يغدو هؤلاء سفراء للجائزة بين أقوامهم حيث لايستبعد أن يقولوا بينهم كلمه حق عن الإسلام وعن نبيه سيما وقد أنبأنا الله تعالى أنه كان من قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون. سمو الأمير: لقد حباكم الله تعالى عبقرية سنية في مجال الأمن فوطدتم أركانه، وحصنتم بنيانه، وقد ساوق ذلك ما وهبكم الله من حكمة ذكية في خدمة القرآن والسنة والدراسات الإسلامية المعاصرة تبتغون فضلاً من الله ورضوانا وتنصرون الله ورسوله وتنشرون الإسلام وسماحته، وتنشدون مجتمعاً بل عالماً تأسس بالعلم والثقافة، ويتقوى بالعدل والسماحة ويتوطد بالأمن والسلام. حقق الله آمالكم وطموحاتكم وجزاكم من لدنه أجراً عظيماً وحباكم عنده مكانا عليا، وكان لكم نعم المولى ونعم النصير، وفي الختام أزجي التحية والاحترام لصاحب المعالي، أ. د. عدنان بن محمد الوزان الذي نبت في هذه الجامعة وتبوأ درجة الأستاذية بها، ويتولى الآن إدارتها بكفاءة واقتدار، وقد عرفته بالجد والإخلاص وصدق الولاء بارك الله فيه. @ أستاذ الدراسات العليا وعضو المجلس العلمي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية