المدارس (بنين - بنات) تكاد تكون من أكثر الأماكن المكتظة بالبشر، حيث يلتحق بها الطالب والطالبة منذ يبلغ السبع سنوات حتى التاسعة عشرة، وهذا سبب قوي بأن تكون الأمراض بين هذه التجمعات البشرية كثيرة ومتنوعة سواء على المستوى العضوي أو النفسي، اليوم حديثنا في الجانب النفسي الذي يتعرض له الطلاب - الطالبات ويقف عليه اخصائيات ومرشدو المدارس لنقف كيف يتعاملون مع هذه الحالات؟ وما هو رأي الأهل فيما يجري داخل المدارس ويخص هذا الجانب. مواعيد مستشفى حكومي في البداية تذكر والدة طالبة في المرحلة المتوسطة أن ابنتها فجأة أصبحت تعاني من الانعزالية والوحدة وتكره أن تخالط الناس وأضحى هذا حالها في كل مكان وزمان حتى أنها ترفض أن تذهب للمدرسة بسبب رغبتها بعدم مخالطة الناس وقد لاحظ مدرساتها الفتور الذي يتلبسها طوال الوقت وعدم رغبتها في الكلام حتى في المشاركة أثناء الحصص رغم معرفتها بالإجابة فأبلغوا الاخصائية في المدرسة واستدعتها وحاولت أن تتحدث معها. وتقول الأم من الجلسة الأولى اتصلت بي وطلبت مني أن اذهب بها إلى طبيب نفسي فقد تتأخر حالتها لو بقت دون علاج فطلبت منها أن تعيد معها محاولة الحديث علها تعرف وضعها إلا أن الاخصائية قالت لي إن هذا لا يدخل في تخصصي أو عملي ولا بد من علاجها لدى مختص فسألت الاخصائية عن مدى إمكانية علاجها في الوحدة الصحية فهي مسؤولة صحياً عن الطالبات فقالت لي انها لن تنفعها فذهبت بها إلى عيادة نفسي رغم نصائح من حولي بعدم أخذ ابنتي للعيادات النفسية فهناك قصص كثيرة عن تدهور الحالة بعد ذهابها للعيادة، ومع هذا لم آخذ بما قيل وذهبت فعلاً لعيادة نفسية وأنا لا أعرف العيادات ولا أعرف الجيد والأمين من السيئ المتلاعب إلا أني فوجئت بالمبلغ الهائل الذي طلبوه لفتح الملف وأنا لا استطيع أن أدفع هذا المبلغ للملف فقط والجلسات أيضاً مكلفة فعدت للاخصائية طالبة منها أن تحولني لإحدى المستشفيات الحكومية فقالت لي ليس لي صلاحية بذلك وعليَّ أن أذهب مباشرة للمستشفى فسألت إحدى قريباتي التي تعمل في مستشفى حكومي لتفتح لابنتي ملفاً فأعطتني موعداً بعد حديثي معها بشهر ونصف وكان هذا أقرب موعد وأبلغتني أن الجلسات ستكون متباعدة بهذا الشكل بسبب الضغط الذي تلاقيه المستشفيات الحكومية من المراجعين. سقوط طائرة والدة طالبة تعرضت لفاجعة عندما كانت تسقط طائرة توجد بها قبل إقلاعها مما جعل الطالبة دائمة الخوف والفزع وتتوقع دائماً وقوع مكروه وتبقى متشنجة وعصبية خوفاً من وقوع ما تخشاه، تقول الأم التوقع السيئ يجعلها عصبية طوال الوقت ذهبت أنا للاخصائية في المدرسة وأبلغتها بوضع ابنتي وسألتها معتقدة أن المدارس توفر في مكاتب التوجيه متخصصات في الأمراض النفسية على الأقل فيما يخص المرحلة العمرية للتعليم العام فالمدارس يوجد فيها آلاف الطالبات ومن الطبيعي أن يكون هناك أمراض نفسية مختلفة وأنا أرى أن من مهمة المدرسة توفير أطباء وطبيبات متخصصات في هذا الأمر أو أن تتعاون مع عيادات خاصة تعالج الطالبات على أكمل وجه فأنا لا أثق في كثير من المستشفيات الحكومية فيما يخص الجانب الفسي فهم يركزون على الحبوب بسبب الزحام الذي يعانون منه فضلاً على المدة الطويلة التي ينتظرها المريض حتى يسمح له بالدخول، فتحويله عن طريق المدرسة قد يكون له دعم بالتعجيل في دخوله، فلماذا المدرسة ليس لها تأثير في هذا الجانب أفلا يكفي أنه لا يوجد فيها متخصصات ومتخصصون لعلاج الطالبات رغم الحاجة الملحة، المدارس فيها جميع الأعمار التي تمر بالتحولات الفسيولوجية وهذا التحول يؤثر على نفسيتهن علاوة على أن كثير من الاخصائيات في المدارس غير مؤهلات لعلاج الطالبات، فهل يعقل مدرسة يوجد فيها أكثر من (500) طالبة واخصائية واحدة وكثير منهن لا يؤدين وظيفتهن الأساسية وبعضهن يعتقدان أن دخولهن في أمور الطالبات النفسية أو الاجتماعية تعرضهن للمشاكل فتفضل عدم التدخل من الأساس، لذا يتفاوت تعاطي المدارس مع مشاكل الطالبات حيث يرجع الأمر لشخصية المديرة والاخصائية ووعيهما بدورهما فلماذا لا يكون هناك نظام معين يعم جميع المدارس بحيث يكون تصرف موحد يصب في مصلحة الطالبة؟! حالة كره!! وشاطرتها الرأي والدة الطالبة في الصف الثاني الثانوي قائلة: أنا منفصلة عن زوجي بسبب العنف الذي كنت أتعرض له من قبله وحتى أبنائي تعرضوا لما تعرضت له منذ صغرهم هذا الوضع انعكس على نفسية أبنائي وسلوكهم خاصة ابنتي طالبة الثانوي بحكم أنها الكبرى وكان العنف مضاعف عليها، وأحد انعكاسات هذا العنف كرهها للمدرسة وللمنزل أيضاً فقد أصبحت في حالة كره لكل ما حولها لكنها لم تكن عنيفة بل على العكس هي ودودة جداً وسهلة التعامل والحوار، وذهبت للاخصائية رغبة مني في علاج ابنتي من حالة الكره التي تشعر بها تجاه كل ما حولها وعدم تفاعلها مع أي حدث سواء كان سعيداً أو تعيساً ولكني لم أجد تجاوباً من الاخصائية وأعطتني حلاً سريعاً بأن أذهب بها للصحة النفسية أو إحدى العيادات النفسية فهم أقدر على علاجها، وأنا كنت أعتقد أن المدارس مزودة بكل ما يمكن أن يفيد الطالبات ومنها العلاج النفسي والاجتماعي سواء في المدرسة نفسها أو في مكاتب التوجيه إلا أن ما اكتشف خلاف ذلك تماماً واستغربت الأمر فكيف مدارس تكتظ بالطالبات لم يفكر المسؤولون فيها بإيجاد معالجين نفسيين واجتماعيين متخصصين لهن؟! هل يعقل أنهم يعتقدون أن الطالبات جميعهن أسوياء، أو يعتبرون أن هذه مسؤولية الأهل!! الطالبة تقضي في المدرسة وقتاً أكثر مما تقضيه في المنزل ومعنى ذلك أن سلوكياتها ومعاناتها تنعكس على المدرسة ومن فيها، فضلاً على كثير من الأهل لا يبالون بوضع أبنائهم النفسي وبعيداً عن عدم وعي الأهل العيادات النفسية باهظة الثمن وهناك أسر لا تستطيع أن تذهب بأبنائها لهذه العيادات وفي الغالب أن هذه الأسر التي لا تستطيع مادياً أن تتكفل بعلاج أبنائها تكثر لديهم الأمراض خاصة في هذا "العصر المادي"، علاوة على أن الناس لا يعرفون مدى اتباع هذه العيادة للأسس العلمية والأخلاقية في العلاج فنحن نسمع الكثير عن العيادات النفسية وما قد تلجأ إليها من إعطاء الحبوب النفسية مما قد يؤدي لتدهور الوضع النفسي والصحي للمريض، لذا لو بقت الطالبة تحت إشراف المدرسة أو الجهة التي تتوجه لها تحت إشراف المدرسة لكان الوضع آمناً ومريحاً وذا جدوى علاجية فعالة دون التعرض لأي خطر. شعور أنثى وقد أشار والد طالب في المتوسطة أن ابنه يعاني من شعور أنثى ويمارس طقوس تكرس هذا الشعور داخل منزله، أما في المدرسة فهو يميل إلى الانعزال والخوف من الطلاب. يقول الأب تنبه أساتذته لذلك وأبلغوا المرشد الطلابي ولكنه عجز عن علاجه فاستدعاني وطلب مني أن أذهب به لعيادة نفسية فتفاجأت أن تكلفة فتح الملف 600ريال، والجلسات تحتاج لميزانية وهذا فوق طاقتي فراتبي لا يغطي هذه المصاريف ومصاريف المنزل وأخوته فلم يكن لي خيار إلا أن استخدم معه أسلوب النصيحة ولكني لم أر أي نتيجة في ذلك ولكن ماذا افعل فليس بيدي حيلة؟!