كل الدول المتسابقة على اكتساب المعرفة وتدويرها في الإنتاج الوطني والقومي، جعلت الهدف الأول هوالتعليم، لأنه بدون كوادر مؤهلة لإدارة تحديات التنمية لا يمكن وضع المشاريع على دروب الإنتاج والإنجاز، ولعل المعجزة الآسيوية التي ولدت من تحديات النهضة الأوروبية والأمريكية، قادت تلك الشعوب إلى جعل التعليم هوالخطّ الأول في مسارها المتصاعد.. الملك عبدالله يقود أكبر تحديات التعليم المعاصر عندما وسّع دائرته بمختلف درجاته، ورسم خطوطاً لأكبر ميزانيات تشهدها المملكة والمنطقة في تأسيس وتجهيز المدارس والمعاهد والجامعات بإدراك أن ترسيخ التنمية البشرية، وخلق ما يُعرف باقتصاد المعرفة هما جناحا الاستثمار في الاقتصاد والبحوث العلمية ورفع مستويات الأفراد والمجتمع، ومن هنا جاء توسيع مشاريع التعليم وتعميمها على مختلف مدن المملكة، وبتخصصات راعت خطط المستقبل البعيد عندما تصب هذه المجاميع في حقول الصناعة والبنوك والشركات، ورفع مستوى القيادات الإدارية والتربوية، ليأتي تلازم المسارات متفقاً مع الأهداف الاستراتيجية طويلة المدى.. هذا اليوم يبدأ وضع الأسس الأولى لجامعة البنات بالرياض عندما تشهد حضور خادم الحرمين الشريفين الذي يشهد ميلاد هذه الجامعة وباعتمادات كبيرة، لتكمل مسيرة أخواتٍ لها في المملكة، ومثل هذا الحلم الذي بدأ فكرة، ووصل إلى مراحل التنفيذ، يعد الأهم في قائمة الأولويات إذ أن رفع مستوى الفتاة وتحويلها إلى خطوط العمل في المجالات المتعددة، وتأهيلها لأن تكون جزءاً من ولادة مشروعنا الأكبر في التنمية الشاملة، تضع الأهداف على خط المساواة بين الجنسين في المسؤوليات الوطنية.. ومثلما تأتي الاعتبارات بأن هدم جدار الجهل، يعني تشييد مجتمع التنافس مع العالم، فإن مجتمعنا الذي يسعى لأن يتقدم أكثر من خطوة في سبيل الحصول على المعرفة ومنافذها المتعددة، يدرك أن هموم الملك عبدالله في تحويل الوطن إلى معمار متكامل وفق إمكانات متعددة لا يتوفر له الصعود والمنافسة وامتلاك العلوم المعاصرة إلا بالإنسان الخامة الأولى القابلة للتشكُّل وفق أهم مقومات العقيدة الإسلامية والمبادئ الأخلاقية، وطالما لدينا القابليات بأن نحوّل مشروعنا التربوي إلى طاقات خلاقة، فإن الملك عبدالله يعتبر مؤسس هذه المرحلة التي تتطلب المعرفة كأساس ومنطلقٍ للمستقبل البعيد.. صحيح أننا نملك الثروة المادية، لكن عملية تدويرها في البناء الشامل والاستثمار البعيد، جاءت برفع مستويات المواطن كأهم الأهداف، ولعل جامعة البنات ليست إضافة فقط وإنما تحقيق لغايات بعيدة، ويكفي أن ثمرة التعليم وتوطينه وفق أسس علمية وحضارية سوف يكونان خط التواصل في الحلقات الطويلة التي بدأت بجامعة واحدة ثم عشرات الجامعات والمعاهد، وسوف تحقق هذه السياسة غاياتها عندما يصل التحصيل الدراسي والعلمي إلى ذروته العليا لنصبح رقماً كبيراً في لائحة العالم المعاصر..