الأحداث في عكا، مهما كانت غير لطيفة ومهددة ولا سيما لمن كان في المحيط، ليست بأي حال اضطرابات. لا من اليهود تجاه العرب، وبالتأكيد ليس من العرب تجاه اليهود، ومع ذلك يجب التعاطي معها بالجدية التامة. في عكا يحذرون منذ بضعة أشهر بالهياج المتزايد في المدينة استعداداً للانتخابات البلدية، التوتر بين السكان العرب واليهود يتصاعد على خلفية التخوفات من تعميق السيطرة اليهودية الجديدة في المدينة (بما في ذلك مدرسة التسوية الدينية التي تعزز الأحاديث عن "تهويد" عكا)، وهو يحتدم في الأحياء المختلطة التي تعاني أيضاً من ضائقة اقتصادية واجتماعية. المواجهات، التي كانت متوقعة (النائب عباس زكور من القائمة العربية الموحدة، من سكان عكا، بعث قبل خمسة أيام برسالة الى وزير الأمن الداخلي آفي ديختر وطلب منه أن يدفع لمرابطة أفراد من الشرطة في نقاط احتكاك معروفة مسبقا)، تدحرجت فقط الى مسافة ابعد من الماضي وألحقت أضراراً خطيرة بالأملاك، ولكن لم يكن فيها أي جديد، ومع أن الشرطة لم تكن مستعدة في الوقت المناسب، إلا أنها عندما وصلت عرفت كيف تفصل بين المعسكرين، بل انه كان هناك أفراد من الشرطة عرضوا حياتهم حقا للخطر، عندما لم تتحرك سيارة الشرطة التي حاولت إنقاذ السائق العربي المعتدى عليه، والجماعات المتحمسة حاصروها وهددوا بقلبها على ركابها. كان يوم الغفران منذ الأزل ذريعة هزيلة وبائسة لشبان سئموا وهم يبحثون عن بعض النشاط، لو لم يكن هناك عربي في المحيط، فلعلهم كانوا سيهاجمون بعضهم، أو يرشقون الحجارة على سائق يهودي ينقل زوجته الى مستشفى الولادة الخطر الآن هو أن جهات ذات مصلحة ستضخم الحدث وتلصق به جذورا قومية، أو على الأقل وطنية، أو على خلفية دينية. لهؤلاء من الجدير التذكير بأنه رغم أن أجهزة الأمن تحذر منذ أكثر من أربعين سنة من اندلاع العنف لدى عرب إسرائيليين على خلفية الإحساس بالظلم المتعمق، فإن المعطيات على الأرض تثير العجب، حتى أحداث أكتوبر 2000نفسها ضخمت، كما أوضحت لجنة أور، بسبب الإهمال والهستيريا من الشرطة والحكومة. ولكن كما أسلفنا، لا ينبغي الاستخفاف بالمشاعر المكبوتة المشتعلة تحت السطح وتنفجر في كل مرة بذريعة أخرى، أول من هو ملزم بأن يفهم ذلك هو رئيس بلدية عكا الذي نسي على ما يبدو أنه يخدم جمهورا مختلطا، فقد قال أمس لأخبار القناة الثانية بعد أن تحدث عن الاضطرابات "أدعو كل شعب إسرائيل للمجيء بجموعه الى احتفال "مسرح آخر" الذي سيبدأ بعد أربعة أيام"، وبدت الدعوة للآذان العربية لاذعة على نحو خاص، فقد قال "هذا حدث وطني"، وفي واقع الأمر بدت الدعوة هكذا لكل أذن غير منحازة. ابيرغما غولان يديعوت احرونوت