يسعى رئيس الكيان الإسرائيلي شمعون بيرس المعروف بإجادته سياسة المراوغة إلى المبادرة لإجراء مفاوضات سلام مع الدول العربية، على أساس المبادرة العربية للسلام، بدلاً من مفاوضات منفردة تجريها "إسرائيل" مع الفلسطينيين وسورية وتلقى دعما لمسعاه من جانب وزيرة الخارجية رئيسة حزب "كديما" المكلفة بتشكيل حكومة تسيبي ليفني ووزير الحرب إيهود باراك. ونقلت صحيفة "معاريف" أمس عن بيريس قوله خلال لقائه زعيم حزب "شاس" المتطروف الحاخام عوفاديا يوسف، الجمعة الماضي، إنه "من الخطأ إجراء مفاوضات منفردة مع السوريين ومفاوضات مع الفلسطينيين، وعلى "إسرائيل" التوقف عن إجراء مفاوضات منفردة والذهاب إلى اتفاق سلام إقليمي مع الدول العربية وجامعة الدول العربية". وبرر بيريس موقفه الجديد بأنه "في المفاوضات المنفردة تدفع "إسرائيل" الكثير وتحصل على القليل، بينما في مفاوضات مع العالم العربي كله سيكون بالإمكان الحصول على ضمانات والتوصل إلى صفقة شاملة". واستطرد أنه "يجب أن نمد يدنا إلى جميع الدول العربية على أساس مبادرة السلام العربية وعدم إهدار طاقة ووقت في مسارات منفردة". وقالت "معاريف" إن بيريس يعمل منذ مدة طويلة لتسويق فكرة "سلام إقليمي" فيما انتقد بشدة المسارات المنفردة خلال محادثات مغلقة. وانتقد بيريس بشدة خصوصا مسار المفاوضات مع سورية، معتبرا أن "إسرائيل" دفعت حتى الآن ثمنا دوليا للرئيس السوري بشار الأسد ولم تحصل على شيء في المقابل، في إشارة إلى أن استئناف محادثات السلام بين "إسرائيل" وسورية، التي انطلقت قبل بضعة شهور، أدت إلى انفراج في العلاقات بين سورية ودول أوروبية وحتى مع الولاياتالمتحدة، وكانت "إسرائيل" تحفظت كثيرا عن زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى دمشق مؤخراً. وأشارت "معاريف" إلى أن بيريس ادعى خلال خطاب ألقاه في افتتاح دورة الهيئة العامة للأمم المتحدة، الشهر الماضي، أن "إسرائيل" تمد يدها للسلام وتريد البحث في مبادرة السلام العربية. ونقلت الصحيفة عن بيريس تشديده في محادثات مغلقة على أنه ينبغي القول "نعم" لمبادرة السلام العربية. وبحسب "معاريف"، فإن أفكار بيريس لا تسقط على فراغ سياسي في "إسرائيل"، إذ قال باراك في نهاية الأسبوع الماضي إن على "إسرائيل" بلورة خطة سلام شامل وعرضها على العالم العربي. كذلك فإن ليفني تتحدث في محادثات مغلقة بلهجة إيجابية حول احتمال الذهاب إلى عملية سلام شامل مع العالم العربي، وقالت في اجتماع مغلق بعد فوزها برئاسة حزب "كديما"، الشهر الماضي، إنها أيدت مبادرة السلام العربية بعد نشر تفاصيلها الأولية في مقال كتبه الصحافي الأميركي توماس فريدمان في صحيفة "نيويورك تايمز" وكانت ما زالت تُدعى في حينه مبادرة السلام السعودية.. قبل أن تتبناها قمة بيروت العربية بالاجماع في العام 2002.لكن ليفني تعارض بشدة بنودا أساسية في مبادرة السلام العربية بينها البند الذي يتحدث عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين والبند الذي يتحدث عن جدول زمني لمحادثات سلام. وقالت "معاريف": "سلام إقليمي" هو "الشيء المقبل" على ما يبدو في حال بدء "عهد ليفني" في رئاسة الوزراء والخطوات التي يقوم بها بيريس ستلقى دعما من ليفني. وأضافت "معاريف" أن رئيس مكتب بيريس السابق، أفي غيل، هو الذي يقف وراء تجنيد بيريس لهذه المهمة، وأن غيل يعمل في السنوات الأخيرة مع الملياردير اليهودي الأميركي دانييل أبرامس، الذي قالت الصحيفة أنه يستثمر أموالا وطاقات من أجل دفع السلام في الشرق الأوسط. وفي إطار نشاطه في سياق "سلام إقليمي" التقى بيريس خلال الشهور الأخيرة شخصيات عربية عديدة وبينها شخصيات من دول لا تقيم علاقات دبلوماسية مع "إسرائيل" كما يجري اتصالات مع جهات ذات علاقة مع زعماء في العالم العربي. وكان أيهود أولمرت رئيس الحكومة الإسرائيلية المستقيل أعلن في تصريحات غير مسبوقة أن "إسرائيل الكبرى" مجرد وهم وأن على "إسرائيل" الانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة.