حقق الكثير مسلسل أسمهان: أسطورة امرأة الذي ألفه كل من قمر الزمان علوش وممدوح الأطرش، وأعد السيناريو والحوار نبيل المالح، والمعالجة الدرامية لبسيوني عثمان، ومن إخراج شوقي الماجري، وإنتاج مؤسسة فراس إبراهيم للإنتاج الفني، وفرح ميديا (المنتج إسماعيل كتكت). حيث أدت النجمة سلاف فواخرجي دور أسمهان-أتحدث عنه لاحقاً-، والممثل المصري أحمد شاكر دور فريد الأطرش بعذوبة وطفولية أوقعته في بعض السذاجة أحياناً لولا انفجارات أخلاقية أبدت على عكس ما يوهمنا سير الأحداث، فيما يجسّد فراس إبراهيم دور شقيقها فؤاد الأطرش الذي لم يوفق حيث كان متشنجاً وانفعالياً برغم أن شخصية فؤاد المكابرة انهارت في نهايات عمره واعترف بأخطاء رصدها أحد الصحافيين في حوار صدر أواسط التسعينات الميلادية، وعابد فهد (زوجها حسن الأطرش) الذي ارتقى بأداء مسرحي عميق ومؤثر، وعبد الحكيم قطيفان (والد أسمهان الأمير فهد الأطرش) استطاع أن يمثل النبل والكبرياء العربي لأهل الجبل. بمشاركة عدد من الممثلين العرب في العمل، فتجسّدت اللبنانية ورد الخال دور علياء المنذر (والدة أسمهان) التي اكتشف نفسها بعد أعمال بسيطة، فيما قام فادي إبراهيم شخصية الملحن فريد غصن الذي لم يستثمر إلا قليلاً، وحل الفنان المصري يوسف شعبان ضيفاً في دور (حسنين باشا) الشخصية التي لا بد من إعادة قراءتها درامياً. أما بهاء ثروت فيظهر في دور (الصحافي محمد التابعي) فكان فاتناً في أدائه وانسيابيته، وأحمد صيام (الملحن محمد القصبجي) الذي يكرس صورة كاذبة أخلاقياً ونفسياً واجتماعياً لشخصية كبيرة، وأحمد دياب (الموسيقار داود حسني) الذي جعلوه ينسى أن سر اسم أسمهان انطوى وليس ما قيل في العمل، وأحمد جمال (الشاعر يوسف بيدروس) الذي تمنيت لو كان ظاهراً بشكل أكبر، وجمال يوسف (مدحت عاصم) كان كاريوكاتورياً وليس واضحاً، وأمل رزق (أمينة البارودي) التي أحسنت جداً، وغادة إبراهيم (ماري منصور) كانت رشيقة واستطاعت تقمص دور ربما قولبها مستقبلياً. لقد تحدت سلاف فواخرجي نفسها واستطاعت أن ترتقي بإشراف مخرج وقدرة خاصة في جمع وتمثل خيوط وملامح أسمهان كونها تنمذج تجربة امرأة عربية على طريق التحرر الإنساني والخلاص الفردي والانتصار لقيم الجمال والحق والعدالة والحب. تفوقت في مشاهد العنف الجسدي مع أخيها فؤاد أو زوجها أحمد سالم، والنفسية مع رجالات المخابرات البريطانية والفرنسية والألمانية كذلك أهالي جبل العرب الذين لاحقوها كذلك تفوقت في مشاهد الغناء، ولكن خارج الأستوديو في الصوالين، خاصة، في صالون التابعي مع عبد الوهاب عندما غنت "كان لي أمل" (من أغاني فيلم: انتصار الشباب). إذا كانت سلاف فواخرجي تفوقت على المستوى الدرامي، فإن وعد البحري خذلتني تماماً، فإذا كانت تتملك صوتاً طيعاً على مستوى الزخارف الصوتية والرنين في مدياته إلا أنه يذكرنا بأصوات نسائية تقليدية مثل: ماري جبران وفتحية أحمد ولور دكاش وصولاً إلى هدى سلطان وسعاد محمد، ولكن لا علاقة لها أبداً بمدرسة الغناء النسوي الحداثي الذي تمثله أسمهان وليلى مراد وفيروز وماجدة الرومي.. ومما صدمني أنه غافلنا الموسيقي العراقي رعد خلف الذي أشرف على تسجيل الأغنيات عندما سجلت أغنية: يا طيور، فترك الغناء من الصدر لوعد البحري فيما أعطى لمقاطع الغناء من الرأس لصوت آخر!. وهذا ما يحسب لأسمهان فرادة صوتها لتمكنه من الغناء عبر تقنيتين فسيولوجيتين من رنين الصدر وطنين الرأس فيما يؤكد أن لا مفر من الفضيحة لمن أراد تجربة أغنية أسمهانية!. إلا أنه يحسب لمسلسل أسمهان أن وضع لنا صورتها في نظرة من داخل إنسانيتها عبر تجربتها النفسية والاجتماعية، وموهبتها الرائدة في حداثة الغناء والموسيقى العربيين، ونضالها السياسي والإيديولوجي. إيميلي الصغيرة في مدرسة الراهبات أو أسمهان في الغناء والموسيقى العربية أو الرائدة أمل أو الأميرة آمال الأطرش كلهن هي أسمهان. إذا كان هذا المسلسل من سبق على كثير من المسلسلات، مسلسلات السيرة الذاتية، سواء لشخصيات تاريخية قديمة (هارون الرشيد وعمر بن عبد العزيز) أو من أبناء وبنات القرن العشرين بطه حسين وجمال عبدالناصر وأم كلثوم وعبد الحليم حافظ وسعاد حسني عوض تذكر مسلسل نزار قباني الذي نسي في خضم الهدير والضوضاء التي كانت بسبب تلك المسلسلات وتوابعها العائلية والسياسية والثقافية والتاريخية إلا أنه سوف يقال مسلسلات السيرة الذاتية قبل أسمهان وبعدها بسبب الساحر شوقي الماجري.!