اتخذت مؤسسة النقد يوم أمس خطوات جديدة، لزيادة مستوى السيولة في السوق والتخفيف من القيود على البنوك في زيادة قدرتها على الإقراض، حيث خفضت سعر إعادة الشراء وهو الريبو ب 50نقطة ليصل إلى 5%، كما خفضت الوديعة النظامية على البنوك الى 10% من الودائع تحت الطلب مقارنة مع نسبة 13% . وهذه الخطوة هي الأولى منذ 20شهرا، بعد اربع خطوات معاكسة تم خلالها رفع متطلبات الوديعة النظامية من 7% في نوفمبر 2007م حتى وصلت الى 13% في مايو، ومن 2% من إجمالي الودائع الادخارية حتى 4% في نهاية مايو 2008م، والأخيرة لم يطرأ عليها أي تغير حتى الان. وقبل تعديلات نوفمبر 2007م كانت متطلبات الوديعة النظامية ثابتة منذ عام 1980م، وهي 2% من إجمالي الودائع الادخارية و7% من إجمالي الودائع تحت الطلب. ويعني الريبو سعر الإقراض من قبل مؤسسة النقد للبنوك، في حين يعني الريبو العكسي سعر الفائدة التي تمنحها مؤسسة النقد على ودائع البنوك. وجاءت خطوة مؤسسة النقد متأخرة في تخفيض كل من الريبو والوديعة النظامية، ويفترض ان هذه الخطوة تمت مع اندلاع شرارة هبوط الأسواق العالمية وقبل الهبوط الحالي لسوق الأسهم، كما انها جاءت بعد الانتقادات الحادة التي وجهها الاقتصاديون في الأيام الماضية للمؤسسة، نتيجة الإجراءات الصارمة لتجفيف السوق من السيولة، ومكافحة التضخم، وهي إحدى الأسباب التي ساهمت في انهيار سوق الأسهم مؤخرا، لكن المؤسسة ترى الآن أن تخفيض سعر إعادة الشراء" الريبو" يرتبط بظهور بوادر على انخفاض التضخم. وأدى برنامج مؤسسة النقد لمكافحة التضخم إلى رفع تكلفة القروض، والأموال على البنوك، كما ادى إلى دفع بعض المصارف معدل فائدة يزيد عن 5.5% على الودائع، مقارنة بسعر الفائدة الأساسي البالغ2%، ونتيجة لذلك ارتفع سعر السايبور بين البنوك نتيجة للطلب القوي على الأموال المقيمة بالريال بين البنوك السعودية، و ارتفع سعر الاقتراض الداخلي بين البنوك (سايبور ثلاثة اشهر) من 2.2% إلى 4.3% في غضون أربعة أشهر. ومن الصعوبة القول ان بوادر تراجع أسعار التضخم، وبدء تراجع بعض الأسعار تعزى الى إجراءات مؤسسة النقد لمكافحة التضخم، لكن من الواضح أن التضخم الذي تعاني منه المملكة، سببه الرئيسي ارتفاع أسعار العقار، وإيجارات المساكن، وارتفاع أسعار المواد الغذائية المستوردة لعدة أسباب، مرتبطة بحركة العملات الرئيسية، وانخفاض الدولار، وسعر صرف الريال أمام العملات الأخرى. وتتفق جميع التقارير الاقتصادية على أن مشكلة التضخم في المملكة تفاقمها سياسات سعر الصرف الثابت، والارتباط بالدولار يزيد أيضا من التضخم بزيادته تكلفة الواردات في الوقت الذي يتراجع فيه الدولار بالنسبة لليورو والين الياباني والعملات الأخرى، حيث يجبر الارتباط مؤسسة النقد على الاقتداء بنسب الفائدة الأمريكية. حتى تمنع تدفق المستثمرين نحو ربط أموالهم بعملة (الريال) مرتبطة بالدولار، وتعطي عائداً اعلى من الدولار. ومع بدء انخفاض اليورو وتراجع غالبية أسعار السلع العالمية بسبب ازمة الائتمان العالمية، بدأت آثار استقرار ومن ثم تراجع الأسعار تظهر على الكثير من المنتجات المستوردة، وتوقف صعود أسعار السلع المستورة بصورة ملفتة، ويفترض على الجهات الرقابية ممثلة بوزارة التجارة أن تكثف جهودها لعكس انخفاض اسعار السلع في الأسواق العالمية على الأسواق المحلية.